خبابا اعتقال الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز

الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز

الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز . DR

في 24/06/2021 على الساعة 21:30

بعد يومين من وضع الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز رهن الاعتقال الاحتياطي، تثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذا الإجراء. تفاصيل.

يعتبر سجن الرئيس الموريتاني الأسبق محمد ولد عبد العزيز مساء الثلاثاء 22 يونيو 2021، الذي يتابع حاليا بتهم الفساد والاختلاس وتبديد الأموال العمومية والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال... سابقة في موريتانيا.

من خلال التخلي عن السلطة في يونيو 2019، بعدما ناور لفترة طويلة من أجل الترشح لولاية ثالثة يحظرها الدستور الموريتاني، اعتقد محمد ولد عبد العزيز أنه سيضمن عدم متابعته من خلال التنازل عن كرسي الرئاسي "لصديقه لمدة 40 سنة" اللواء السابق محمد ولد الشيخ الغزواني.

إلا أن الوضعية التي ورثها هذا الأخير، والتي تجسدت في خزائن الدولة الفارغة، والتي تتناقض مع الاكتشاف التدريجي للثروة الهائلة التي يمتلكها ولد عبد العزيز، دفعت السلطات الجديدة إلى التحرك.

بعد التحقيق الذي أجرته لجنة برلمانية بشأن ما يسمى الآن بـ"عقد الفساد"، في إشارة إلى الولايتين الرئاسيتين المتتاليتين لولد عبد العزيز (2009-2019)، تمت إحالة الملف على العدالة وتوجيه تهم خطيرة إلى هذا الأخير. بل إن لجنة التحقيق البرلمانية ستقوم بتسريبات على الشبكات الاجتماعية لتسليط الضوء على الممتلكات العديدة التي يتوفر عليها ولد عبد العزيز، بدءا بمسكن عائلته، الذي تم بناؤه على مساحة آلاف الأمتار المربعة في قلب نواكشوط، ويضم مجمعا من عدة فيلات فاخرة، مرورا بالمستودعات المليئة بمئات السيارات متعددة الاستخدامات الجديدة (بيك أب، شاحنات، جرارات، جرافات...)، ناهيك عن العديد من الحسابات البنكية المليئة، بالإضافة إلى مئات العقارات (الأراضي الخالية، العمارات، الفيلات)، وكلها مسجلة تحت أسماء مستعارة...

وهكذا، عندما يواجه الإعلام الذي يدعوه بانتظام، يعترف محمد ولد عبد العزيز بضخامة ثروته، دون أن يبرر أبدا أصلها، في حين ينفي حصوله على فلس واحد من خزائن الدولة الموريتانية. ومع ذلك، فليس سرا أن الجزء الأكبر من ممتلكاته يأتي من الرشاوى التي دفعها الليبيون لتسليم عبد الله السنوسي "الصندوق الأسود" لمعمر القذافي، أو من قبل الإماراتيين والسعوديين لإرسال جنود موريتانيين للقتال في اليمن، أو حتى تلك التي دفعتها الجزائر لدعم سياستها الديبلوماسية المعادية للمغرب...

لهذا السبب في مواجهة قضاة ومحققين آخرين من القطب المالي لمكافحة الفساد بالشرطة القضائية، يرفض رفضا قاطعا الحديث عن أصل المليارات التي يملكها، بحجة أن الدستور الموريتاني يضمن له الحصانة كرئيس سابق للجمهورية.

هذه الاستراتيجية الدفاعية هي التي تفسر وضعه تحت إشراف قضائي، الأمر الذي يفرض عليه المثول عدة مرات في الأسبوع أمام المديرية العامة للأمن الوطني للتوقيع على وثيقة تشهد بأنه يحترم قرار حظر مغادرة منزله الذي فرض عليه منذ 12 مارس الأخير.

ومع ذلك، في الأيام الأخيرة، اعتاد محمد ولد عبد العزيز قطع كيلومترات معدودة بين منزله ومقر المديرية العامة للأمن الوطني، مما يحدث ضجة حقيقية على الطريق العام عند كل مخرج، حيث تتمازج أصوات السيارات التي تلتقي به مع ضجيج المتفرجين الذين يرافقونه، ويرمون أحيانا شعارات الدعم أو إهانات.

في نهاية المطاف، أمرته الشرطة بالذهاب إلى المديرية العامة للأمن الوطني في إحدى سياراته العديدة، كما فعل خلال الأيام الأولى من استجوابه. لقد كان رفضه الخضوع لهذا القرار الأخير هو الذي دفع قاضي التحقيق لتبرير سجنه المفاجئ.

لكن يجب ألا ننسى أنه في نفس اليوم الذي تم فيه اعتقاله، كان ولد عبد العزيز ضيفا على فرانس 24، في برنامج اتهم فيه الرئيس الموريتاني الحالي مباشرة بتدبير مؤامرة ضده. وأكد أن محمد ولد الغزواني شكل "لجنة تحقيق برلمانية بدون أي شرعية قانونية، أنشأها أشخاص مقربون منه، بمن فيهم صهره ونواب آخرون من قبيلته ومنطقته. يريدونني أن أصدق أنه يبقى بمنأى عن قضيتي، والحال أنه يهتم بها بشكل يومي" من خلال "وزيره في العدل".

كما لوح بالتهديد بـ "توريط" كل من خدم تحت رئاسته. وأكد قائلا: "لدي ملفات يمكنني نشرها" لأننا بصدد "فتح صندوق باندورا" من خلال فتح ملفات الفساد في موريتانيا.

واتهم السلطة الحالية بالفشل في كل المجالات وبأنها تستهدفه من خلال "تصفية حسابات" سياسية فقط لتحويل انتباه الرأي العام.

ويبقى أن نرى ما هي الصلة التي يمكن أن توجد بين ثلاث وقائع متزامنة تقريبا حدثت في أقل من 24 ساعة، أي يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، والتي كان أبرزها سجن الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز. وكان الأخير، صباح الثلاثاء، ضيفا على فرانس 24 حيث تناول البرنامج مسألتين فقط: محاربة الإرهاب في منطقة الساحل والمتاعب القضائية للرئيس الموريتاني السابق مع قضاء بلاده. وفي مساء اليوم ذاته، كانت إذاعة فرنسا الدولية، التي كان ولد عبد العزيز وجها مألوفا لديها، أول وسيلة إعلامية تعلن توقيفه، ثم سجنه احتياطيا.

وفي اليوم التالي، الأربعاء، وبعد انتهاء الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء، هبطت طائرة خاصة، مستأجرة من شركة ألمانية، في مطار أم التونسي في نواكشوط. وبعد دقائق قليلة، أقلعت الطائرة وعلى متنها الرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني الذي توجه إلى باريس في إطار "زيارة خاصة"، كما وصفتها بعض وسائل الإعلام الموريتانية، لكن لم يتم الإعلان عنها رسميا.

إن هذه المواجهة الإعلامية الدبلوماسية بين الصديقين السابقين، الغزواني وولد عبد العزيز، كان سيثير اهتمام فرنسا المحتمل بهذا الأخير من أجل جعله يلعب دورا في منطقة الساحل.

هل اقترح ولد عبد العزيز، المقرب جدا من إيمانويل ماكرون الذي زار نواكشوط مرتين، على الفرنسيين وضع تجربته في مكافحة الإرهاب في الساحل رهن إشارتهم، خاصة بعد مقتل إدريس ديبي، وقرار وقف عملية برخان وعدم الاستقرار السياسي الحالي في مالي؟

على أي حال، ليس من قبيل الصدفة أن ولد عبد العزيز اختار فرانس 24 وراديو فرنسا الدولي في وقت سابق، وهما وسيلتان إعلاميتان مقربتان من الإليزيه ووزارة الخارجية، لتسليط الضوء على الدور المزعوم الذي كان قد لعبه في السنوات الأخيرة لحل الأزمة المالية، ناهيك عن المفاوضات مع قادة العصابات الإرهابية.

وبالتالي أكد أن الإرهاب المستورد إلى منطقة الساحل يجب مكافحته بالسلاح، بينما يجب أن تكون للمفاوضات الأسبقية عندما يتعلق الأمر بالإرهاب المحلي. لذلك على هذا المستوى يريد ولد عبد العزيز أن يثبت نفسه كـ"مفاوض أو مستشار" في خدمة فرنسا. محاولة يبدو أن الغزواني حاول إجهاضها في المهد، من خلال متابعة ولد عبد العزيز قضائيا ليظهر للفرنسيين أن مكان الأخير ليس حول طاولة المفاوضات، بل في زنزانة داخل السجن.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 24/06/2021 على الساعة 21:30