"غياب بوتفليقة استمر 80 يوما!"، تذكرنا الأسبوعية الفرنسية لوبوان في سلسلة مقالات تحت عنوان "الرئيس الجزائري المريض". لأنه إذا كان غياب عبد المجيد تبون منذ 40 يوما أثار المخاوف من شبح شغور منصب السلطة في الجزائر، وهي نفس المخاوف تقريبا التي عاشتها الجزائر أثناء العلاج في الخارج للرئيسين السابقين هواري بومدين وعبد العزيز بوتفليقة.
هذا الأخير، هو الشخصية الرئيسية في هذا العدد من الأسبوعية الفرنسية. مقال يذكرنا الوضعية التي عاشتها الجزائر يوم 26 أبريل 2013، تاريخ بداية نهاية حكم عبد العزيز بوتفليقة: اكتشاف الرئيس على الأرض في غرفته في شقته بحيدرة من قبل أخته ونقله على وجه السرعة إلى المستشفى العسكري في عين النعجة قبل نقله بعد ذلك إلى مستشفى فال دو غراس في فرنسا، بسبب نوبة إقفارية عابرة، وهي نوع من السكتة الدماغية.
وحاولت مصالح التواصل الرسمية تهدئة مخاوف الجزائريين: "لقد بدأت التحليلات الأولى وعلى فخامة رئيس الجمهورية أن يأخذ قسطا من الراحة لمواصلة الفحوصات". واختتم البيان الصحفي بالصيغة التقليدية (التي ستتكرر بمناسبة دخوله المستشفى مرات عديدة)، بالتأكيد على أن حالته الصحية "لا تسبب أي قلق".
هذه الوضعية شبيهة بالوضع الحالي، وهو الوضع الذي استمر منذ 24 أكتوبر، عندما أعلن عبد المجيد تبون أن سيخضع طوعيا للحجر الصحي "إثر إصابة محيطه بفيروس كورونا". هو أيضا نقل إلى مستشفى عين النعجة ليلة واحدة قبل نقله بشكل مستعجل إلى الخارج في 28 أكتوبر في ألمانيا. وهو أيضا أصيب بسكتة دماغية ناجمة عن مضاعفات كوفيد-19.
وبالنسبة لحالته الصحية أيضا، واصلت مصالح التواصل بقصر المرادية نفس السياسة التواصلية. فقد أكدت أن "الرئيس استكمل بروتوكول العلاج المحدد ويخضع حاليا لفحوصات طبية بعد البروتوكول". هذه المرة، لم تجرأ على القول إن الحالة الصحية لتبون "لا تسبب أي قلق". يوم الاثنين 30 نونبر، حبست الجزائر أنفاسها معتقدة أن عودة الرئيس تبون إلى البلاد كانت وشيكة. وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت أن تبون غادر المستشفى وأنه سيعود إلى البلاد "خلال الأيام القليلة المقبلة". بعد ستة أيام، لم ترد أنباء جديدة عن الرئيس الجزائري.
والأدهى من ذلك، أن الأخبار لم تكن جيدة. "في برلين، أوصى الطاقم الطبي الألماني الرئيس الجزائري بضرورة قضاء فترة نقاهة لا تقل عن 8 أشهر"، بحسب ما أكده الموقع Algérie Part. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يتساءل المواطنون متى والأهم من كل ذلك، في أي وضعية سيعود الرئيس عبد المجيد تبون. إذا عاد يوما، كما فعل سلفه...
شغور أم انحلال السلطة؟
عاد بوتفليقة إلى البلاد "على كرسي متحرك، فاقد القدرة على الكلام وضعيفا يوم 16 يوليوز 2013. (...) عند عودته، الرئيس مريض وأبكم، غير قادر على التحرك بمفرده، هل انتهى؟ في الحقيقة، الأمر عكس ذلك تماما"، تذكرنا مقال الأسبوعية الفرنسية.
هذه الأخيرة أشارت استيلاء الأوليغارشية المقربة من شقيق الرئيس، سعيد بوتفليقة، على القرار السياسي. أوليغارشية قواها الراحل قايد صالح والرئيس الجديد عبد المجيد تبون، دون أن يكون لدى الأخير الوقت الكافي لتشكيل شبكته الخاصة.
حتى القيادة العسكرية، التي لطالما هيمنت على النظام الجزائري، تبدو اليوم مرتبكة بسبب الصراعات بين كبار الضباط: بنعلي بنعلي الجنرال المسؤول عن الحرس الجمهوري، ينظر إلى رئيس الأركان، سعيد شنقريحة، الذي هو أيضا يعاني من المرض ولم يعد يظهره كثيرا، وكأنه تابع له. لم يحدث قط أن كان شغور السلطة صارخا إلى هذا الحد في الجزائر التي تعرف غليانا اجتماعيا وتعاني من أزمة اقتصادية. هي أذن دولة مريضة ورهينة لرجل معزول ومريض وبعيدة كل البعد عن كل حكامة رشيدة.
في الأيام الأولى لمرض بوتفليقة، قبل عام من الانتخابات الرئاسية في أبريل 2014، شنت المعارضة ووسائل الإعلام الجزائرية الخاصة حملة من أجل إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية. ورغم كل ذلك، ظل بوتفليقة ستة أعوام أخرى يحكم، مرتديا رداء حمام أو من على كرسي متحرك، الجزائر التي نخر الفساد مؤسساتها. هذا الانحلال الذي أصاب هياكل الدولة تفاقم عاما بعد عام وأدى إلى اشتعال ثورة شعبية يوم 22 فبراير 2019 التي أطاحت بنظام بوتفليقة. يعود آخر ظهور علني لهذا الأخير إلى عام 2012، خلال خطاب ألقاه في سطيف. حينها أطلق عبارته الشهيرة: "جيلي انتهى". في ذلك الوقت كان في نفس عمر عبد المجيد تبون...