هذا الحادث كاف لكبح حماسة نائب رئيس أركان الجيش الجزائري الجديد، سعيد شنقريحة، القائد السابق للقوات البرية. وأكد زملاؤنا الجزائريون أن "مقاتلة من نوع سوخوي (سو 30) سقطت أثناء القيام بطلعة ليلية في مكان خال من السكان بضواحي مشتة شيموط على بعد 16 كلم من بلدية عين الزيتون بولاية أم البواقي"، مشيرين إلى أن الطيارين اللذين كانا على متن هذه الطائرة الروسية الصنع قد قتلا في هذا الحادث.
ترون جيدا أن الحادث وقع في منطقة أم البواقي التي تقع على الحدود الجزائرية مع ليبيا، حيث كثف سعيد شنقريحة في الآونة الأخيرة من استعراض القوة على خلفية التوتر المتصاعد بين الفرقاء الليبيين والتدخل العسكري التركي لمساندة حكومة فايز السراج في مواجهة الرجل القوي في شرق ليبيا، المشير خليفة حفتر.
لكن لنترك هذا الأمر جانبا ولنركز على هذا الحادث المأساوي الذي يتناسب مع الادعاءات الجوفاء لثاني "أقوى جيش في إفريقيا"، الذي تحتل ميزانيته المرتبة العشرين على مستوى العالم. ومن غرائب الصدف أن هذا الجيش أعلن في منتصف شتنبر 2019 عن صفقة ضخمة بملايين الدولارات مع روسيا لشراء 16 طائرة مقاتلة جديدة من طراز سوخوي-سو 30، أي من نفس نوع الطائرة التي تحطمت بأم البواقي!
وقال خبير عسكري: "هذا كثير لكن ليس كافيا بالنظر إلى التقدم التكنولوجي للقوات الجوية المغربية".
لأنه ليس بتخزين المقاتلات الحربية سيتمكن جيش الجارة الجزائر أن يصنع الفارق. المشكلة ليست في المخزون بقدر ما يتجلى بالأساس في نقص التكوين وصيانة الآليات والأجهزة التي يتم شراؤها.
نقص الصيانة سبب الأعطاب التقنية المتكررة
ويؤكد زميل جزائري أن "تكاثر الحوادث التي تهم معدات الطيران العسكرية يطرح بحدة مسألة موثوقية وصيانة وعمر المقاتلات العسكرية الجزائرية"، مشيرا إلى أن "معظم طائرات الجيش الجزائري هي روسية الصنع، مما يجعله تابعا لهذا البلد على مستوى إعادة التجهيز والإصلاح".
وماذا عن العمولات والرشى التي يتقاضها كبار قادة الجيش عن كل عقد تسلح؟
"الجنرالات الجزائريين يتقاضون عمولات مهمة بشأن عقود الأسلحة المبرمة"، يؤكد الملاحظون والمراقبون وهم غير مخطئين عندما نعلم أن معظم كبار قادة الجيش، نقول معظم حتى لا نعمم، لهم استثمارات في مجال الأعمال.
ويكفي في هذا الصدد الاطلاع على مقال "مافيا الجنرالات الجزائريين" الموجود على موقع "طغاة هذا العالم" (Tyrans de ce monde) لإدراك أن غالبية هؤلاء الجنرالات يتوفرون، إلى جانب مشاريعهم، حسابات مصرفية مهمة في "الملاذات الضريبية" الأوروبية على سبيل المثال لا الحصر!
عندما يكون الهاجس هو الحصول على عمولات مهمة خلال إبرام صفقات الأسلحة، يصبح مصير هذه الأسلحة وصيانتها أمرا ثانويا. كما لا تهم حياة الجندي الجزائري في عيون هذه الأوليغارشية العسكرية المفترسة.
ولن يوقف تحطم طائرة إليوشين ومقتل جميع ركابها والبالغ عددهم 257 قتيلًا، بمن فيهم 27 من مرتزقة البوليساريو، في أبريل 2018 بالقرب من قاعدة بوفاريك، على بعد 35 كم من الجزائر العاصمة، جشع هذه الأوليغارشية المتلهفة للمال.



