كم مرة يتعين المطالبة بإرساء دولة مدنية مكان النظام العسكري الذي يحكم البلاد منذ استقلال الجزائر سنة 1962 حتى تتم الاستجابة لهذا المطلب الشعبي؟ منذ ستة أشهر، لم يفتر الشعب الجزائري الصبور عن المطالبة بهذه الرغبة المشروعة في الديمقراطية والحرية.
مظاهرات 30 غشت لم تخرج عن هذه القاعدة. فخلالها عبر الشعب الجزائري عن رغبته القوية في إنهاء حكم الأوليغارشية العسكرية التي، بالرغم من نهب ثروات البلاد، لا تريد أن تتعقل وتعود إلى مكانها الطبيعي، إي في الثكنات العسكرية، وإقامة نظام مدني وديمقراطي حقيقي الذي يطالب به الشعب الجزائري الشقيق.
"اسمع يا قايد، نريد دولة مدنية"، هذا الشعار رفعه من جديد المتظاهرون موجهين خطابهم لرئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أحمد قايد صالح، الرمز السيء للنظام الفاسد الموروث عن فترة حكم الكولونيل السابق هواري بومدين (اسمه الحقيقي محمد بوخروبة).
كنا نعتقد عن خطأ أن هذا الجنرال قد استعاد سمعه بعدما حصل على سماعة أذن طبية تم اقتناؤها بمال دافعي الضرائب الجزائريين من قبل الملحق العسكري بسفارة الجزائر بباريس. فقايد صالح مازال يواصل سياسة الآذان الصماء اتجاه رغبة الشعب الجزائري في إرساء نظام مدني بعد 60 سنة من حكم العسكر، مع ما يستبع ذلك من حرية وديمقراطية.
الصمم العضال لهذا الجنرال لا يوازيه إلى تعطشه للسلطة التي، كما تعلمون، تجعل صاحبها أعمى.
تقنيا يمكن استرجاع السمع باستعمال سماعات أذن طبية. ولكن ما العمل عندما يكون الجنرال صاحب النياشين أعمته السلطة؟
الشيء المؤكد هو أن الجنرال إذا استمر في تجاهل مطالب الشعب الجزائري، فإنه سيصطدم لا محالة بالحائط. يبدو جليا أن الشعب الجزائري خرج إلى الشارع وسيظل فيه طالما أن العسكر لم يعد إلى ثكناته ويترك المدنيين يحكمون البلاد!
إن تمادي الجنرال في تجاهل مطالب الشعب لم يزيده إلى تلاحما، بل قد يؤدي إلى جعل الشعب الجزائري أكثر راديكالية من أجل إنهاء حكم العسكر.