ولد عمر البشير في العام 1944 من القرن الماضي في حوش بانقا، وهي قرية صغيرة وينتمي إلى قبيلة البديرية الدهمشية. وصل إلى الحكم إثر قيامه بانقلاب عسكري على حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي في العام 1989 ونصّب نفسه رئيسا لمجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، ثم رئيسا للسودان.
ومنذ وصول البشير إلى مقاليد السلطة لم تشهد السودان تنظيم انتخابات رئاسية باستثناء الاستحقاقات التي نظمت في العام 2010، والتي أسفرت، دون مفاجآت، عن فوز الزعيم السوداني بعد انسحاب المعارضة السودانية من السباق الرئاسي معتبرة أن الانتخابات لن تكون شفافة ونزيهة، لذا يعتبر عمر البشير صاحب أطول فترة حكم في تاريخ السودان الحديث.
الملاحقات القضائية الدولية
وتنتقد المنظمات الإنسانية عمر البشير حيث تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور. ففي صيف العام 2008 اتهم لويس مورينو أوكامبو، وهو ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية البشير بمسؤولية ارتكاب جرائم قتل في دارفور أدت إلى تصفية أكثر من 30 ألف شخص. ودعا أوكامبو المحكمة إلى إصدار أمر اعتقال بحق الرئيس السوداني ليكون أول رئيس حاكم يصدر بحقه مثل هذا الأمر منذ الرئيسين الليبيري تشارلز تيلور والصربي سلوبودان ميلوسوفيتش.
وأوضح أوكامبو أن البشير مسؤول بشكل مباشر عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص في هجمات شنتها القوات السودانية وميليشيات الجنجويد التي تدعمها الحكومة السودانية، إضافة إلى تعرض أكثر من مليوني شخص آخرين إلى عمليات اغتصاب وحملات تجويع على مستوى مخيمات اللاجئين. ولكن، ظل عمر البشير يتنقل بين العواصم العربية والافريقية دون أن يتم القبض عليه.
لماذا خرج السودانيون إلى الشوارع؟
يعتبر تدهور الوضع الاقتصادي أحد أهم الأسباب التي دفعت بالسودانيين إلى الاحتجاج عن سياسات الحكومة بعد ارتفع سعر الخبز من جنيه واحد إلى ثلاثة، وارتفاع سعر الوقود والمواد الاستهلاكية الأساسية إضافة إلى ندرة الدقيق والسيولة النقدية حيث قلصت البنوك عمليات سحب الأموال، وهو ما دفع بالشعب يتقدمه الطلاب إلى الخروج في مظاهرات احتجاجا على سوء الوضع الاقتصادي وتدهور مستوى المعيشة.
وقد واجهت الشرطة تلك المحتجين بالكثير من القمع حيث استخدمت الغاز المسيل للدموع وأطلقت الرصاص الحي، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
ضغوطات دولية
تعرض عمر البشير إلى انتقادات دولية على خلفية تعامل قوات الشرطة مع المتظاهرين واستخدامها المفرط للقوة خاصة بعد أن أشارت منظمة العفو الدولية إلى مقتل عشرات المحتجين خلال إطلاق قوات الأمن النار على المتظاهرين بحجة إثارة الفوضى.
وطالبت عدة دول غربية عمر البشير بالاستجابة إلى المطالب الشعبية حيث اعتبرت الولايات المتحدة ودول أخرى أنه آن الأوان للسلطات السودانية لكي تتبنى خطة انتقال سياسي في البلاد. كما دعا الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش البشير إلى "خلق بيئة مواتية لإيجاد حل للوضع الراهن وتشجيع الحوار الشامل".
التحديات المقبلة
التظاهرات المطالبة باعتماد إصلاحات في السودان، سرعان ما تحولت إلى تحرك شعبي واسع ضد نظام عمر البشير الذي رفض تقديم استقالته، وعوض تقديم تنازلات أعلن في فبراير-شباط الماضي حالة الطوارئ بعد أن قامت الشرطة بقمع المتظاهرين.
ولكن يبدو أن الوضع في السودان بدأ يعرف نوعا من التحول بعد أن وصلت الاحتجاجات إلى ذروتها الأسبوع الماضي، حين أصبح المتظاهرون في محيط مقر الجيش الواقع ضمن تجمّع يضم أيضاً مقر إقامة الرئيس، وطالبوا بألا تواصل القوات العسكرية دعمها للبشير، وقد أظهرت بعض الصور غير الموثقة متظاهرين يرفعون جنودا على أكتافهم، إضافة إلى جندي يرفع بندقيته أمام المتظاهرين في إشارة إلى التآخي والاتحاد بين الشعب وعناصر الجيش.
وفي سياق آخر أخفقت الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات في إزاحة المحتجين من أمام مقر قيادة الجيش حين أطلق عسكريون النار في الهواء. ما جعل الشرطة تعلن رغبتها في توحد "كلمة أهل السودان إلى رشد وتوافق يعزز الانتقال السلمي للسلطة واستقرار البلاد"، ودعت لـ"عدم التعرض" للمتظاهرين بعد ساعات من محاولة تفريقهم، في مؤشر واضح قد يقلب المعادلة السياسية في السودان.
المزيد من القتلى
وفي خبر أوردته وكالة رويترز، قال الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وهو حزب المعارضة الرئيسي بالسودان، إن نحو 20 شخصا قتلوا وأصيب العشرات في هجمات نفذت فجر كل يوم منذ السبت الماضي على يد "مسلحين ملثمين" على اعتصام أمام وزارة الدفاع في الخرطوم.
ودعا المهدي أيضا إلى "تسليم السلطة لقيادة عسكرية مختارة مؤهلة للتفاوض مع ممثلي الشعب لبناء النظام الجديد المؤهل لتحقيق السلام والديمقراطية".