الجزائريون يريدون الديمقراطية. فبعد فترة حكم عبد العزيز بوتفليقة وجماعته، ها هم الآن يرزحون تحت حكم ديكتاتورية عسكرية. أما وسائل الإعلام العمومية فقد تأقلمت مع هذا الواقع الجديد، بدءا بالتلفزة الجزائرية الرسمية.
فمنذ خرجته المثيرة قبل يومين، أي يوم الثلاثاء 26 مارس، والتي دعا فيها صراحة إلى إقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لم يعد يمر يوم واحد دون أن تفتتح هذه القناة نشراتها الإخبارية بالجنرال أحمد قايد صالح، قائد الأركان ونائب وزير الدفاع والذي أصبح حاليا الرجل القوي في النظام الجزائري.
يبدو أن الأمر يتعلق بمحاولة جعل الجزائريين يألفون هذا الوجه الجديد الذي هو في الحقيقة جزء لا يتجزأ من السلطة. فالقناة العمومية التي يسيطر عليها الجنرالات تتصرف بحماس وإخلاص منقطعي النظير.
أمس الأربعاء 27 مارس، خصصت ما لا يقل عن 10 دقائق لقائد الجيش الذي أصبح من الآن رئيس الدولة الفعلي. فهل يتعلق بالإعلان عن أمر مهم؟ بالتأكيد لا. هل يتعلق الأمر بإعلان حرب؟ ليس كذلك. هل يتعلق الأمر بعملية كبرى؟ ليس الأمر كذلك. بل يتعلق فقط بتذكير هؤلاء الذين ربما نسوا (وهم قلة) بالزيارة التي قام بها هذا الجنرال إلى المنطقة العسكرية الرابعة التي منها دعا إلى تطبيق الفصل 102 من الدستور، أي عزل الرئيس المريض منذ 2013.
وفضلا عن ذلك، جاء خبير كبير لكي يقدم دعمه المعنوي لخرجة قايد صالح، مؤكدا بذلك العلاقات "المتينة" بين الشعب والجيش. رائع!! غير أن شيئا ما ينقص.
فمنذ أيام قليلة، تمت إقالة مدير التلفزيون الوطني الجزائري وعوض بشخصية مقربة من السلطة. فجأة أصبحت القناة التلفزية تتمتع بحرية أكبر وأصبحت أكثر تحررا. والحال أن الأمر كان يتعلق بتهيئة الأجواء لما سيأتي فيما بعد.
الشيء المؤكد مع ذلك هو أن التلفزة العمومية تأقلمت مع الواقع الجديد، واقع الانقلاب العسكري ضد تطلعات شعب بأكمله. فبعد أن غير السياسيون جلدهم (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي بشكل خاص) وكذلك النقابات (وعلى رأسها الاتحاد العام للعمال الجزائريين)، وبعدما تم إخضاع وسائل الإعلام، بدأ نظام بوتفليقة المتهالك أصلا يتداعى.
إذن ما موقف الشعب من هذا العرض (العسكري)؟ الحكم سيعرف غدا الجمعة في شوارع الجزائر العاصمة وباقي مناطق البلاد.