تذكر معظم بلدان العالم غاندي باحتجاجاته السلمية، ضمن جهوده من أجل تحقيق السيادة الهندية، ولكن في إفريقيا، حيث عَمِل غاندي كمحامٍ على مدار عقدين من الزمن، يُنظَر إليه بصورةٍ مختلفة.
وفي عام 2016، خُصِّص تمثاله في غانا باعتباره رمزاً لتعزيز العلاقات بين البلدين في عهد الرئيس الهندي براناب مخرجي، لكنَّ أساتذة الجامعة والطلبة والغانيين عارضوا بشدةٍ وجود التمثال، ووصفوه بأنَّه تبجيلٌ لزعيم عُنصري كان يعتبر الأفارقة همجاً عُراة، وأقل شأناً من البريطانيين والهنود، مُستشهِدين بكتابات غاندي في الفترة التي قضاها في إفريقيا لدعم حُجتهم.
وحسبما ذكر المُنتقدون في العريضة التي قُدمت لإزالة التمثال، يبدو أنَّ حُجة غاندي للسيادة الهندية هي أنَّ الحكومة الاستعمارية البريطانية تعاملت مع الهنود بطريقةٍ «أفضل قليلاً، من الهمج أو سكان إفريقيا الأصليين»، وتحدَّث عن «السكان الأصليين نصف المتحضِّرين»، وقال إنَّ معاملة الهنود مثل الأفارقة «تحطُّ من شأننا»، وإنَّ المهمة الوحيدة للسكان الأصليين «البدائيين» هي الصيد، على حد قوله، «ومطمحهم الوحيد هو جمع عدد معين من الماشية من أجل شراء زوجة، ومن ثمَّ قضاء بقية حياتهم في حالةٍ من الكسل والعُري».
إلى جانب أنَّه استخدم أيضاً لفظ «كافر»، وهو افتراءٌ عنصري مُهين بشدة (ضد ذوي البشرة السوداء)، لدرجة أنَّه يندر التلفُّظ به بصوتٍ عالٍ في الأوساط المُهذَّبة، أو يُكتب على الأوراق المطبوعة، إنَّ مُجرد التفوُّه به في جنوب إفريقيا، حيث عاش غاندي وعَمِل في الفترة ما بين عام 1893 وحتى عام 1915، يُمكن اعتباره جريمة كراهية.
وذكرت شبكة BBC أنَّ أعضاء هيئة التدريس والطلاب قالوا إنَّ التمثال أُزِيلَ، يوم الأربعاء الماضي، واستشهدت العريضة بجامعة غانا كذلك باحتجاجاتٍ أخرى، كانت تناهض الإشادة بشخصياتٍ تاريخية، ولكنَّها مُثيرة للجدل في الجامعات حول العالم.
مُتضمِّنةً الاحتجاج ضد شعار جامعة هارفارد، المُستوحى من عائلة إسحاق رويال، التي مارَست العبودية، وتمثال سيسل رودس، مؤسِّس نظام الفصل العنصري، في جامعة كيب تاون.
ولا تقتصر الاحتجاجات ضد غاندي على إفريقيا؛ ففي مدينة دافيس بولاية كاليفورنيا، أُثيرَت احتجاجاتٌ على تمثالٍ مماثل له، إلى جانب مُعارضة خطط لتكريم غاندي بوضع تمثال له في لندن.
ولا تنطوي كتابات غاندي اللاحقة على خطابه التحريضي في الوقت الذي قضاه في إفريقيا، رُغم أنَّه ارتأى للباحثين أنَّ غاندى حظي ببعض التعديلات فيما يخص تاريخه.
وأفضت زعامته والاحتجاجات السلمية التي قام بها إلى استقلال الهند في نهاية المطاف، لكنَّ تمثال غاندي أثار سؤالاً مُزعجاً: عند أي نقطة تُعتِّم تجاوزات شخصٍ ما على الخير الذي قاده إلى العالم؟.