يبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يقلقه إعلان مكتب القاضي الاتحادي الأرجنتيني النظر في شكوى ضد محمد بن سلمان، تقدمت بها منظمة هيومن رايتس ووتش، وطلب من وزارة الخارجية الأرجنتينية جمع معلومات من اليمن وتركيا والمحكمة الجنائية الدولية، فلو كان يشعر بأي خطر، لأرسل أحد ممثليه إلى القمة، كما فعل العام الماضي.
لكن قرار الأمير الشاب النزول في مقر سفارة بلاده في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيريس، بدلاً من الإقامة الفاخرة في فندق فورسيزن، الذي كان يفترض أن يقيم فيه، خلال مشاركته في قمة العشرين، هو ما قد يكشف الأمر الذي يخشاه.
عبر موكب ولي العهد العاصمة الأرجنتينية، في حركة مرور واضحة في اتجاه السفارة السعودية، وهي عبارة عن قصر بُني على الطراز الفرنسي، يقع بجوار مقر إقامة المندوب الإسباني.
قرار ولي العهد بتغيير مكان إقامته جاء بعد تلقي استشارات من فريقه الأمني ومن السلطات الأرجنتينية، عن احتمال احتجاجات قد يتعرض لها في مقر الفندق، بحسب قناة الجزيرة.
واستعدت السفارة السعودية في العاصمة الأرجنتينية لمثل هذه التحذيرات، ففرضت إجراءات أمنية مشددة في المكان، وأغلقت الطرقات، ووضعت مجموعة من المتاريس لمنع الوصول إليها، ما يفسر حصرها على عدم حدوث أي مظاهرات قريبة من المكان.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت السفارة بوُضع زجاج مضاد للرصاص على النوافذ الرئيسية للمبنى، إضافة إلى الواجهة الأمامية، لإبعاد أي خطر قد يواجه الأمير الشاب خلال مدة إقامته في السفارة.
وكان الأمير الشاب قادماً من جولة عربية، شملت الإمارات والبحرين ومصر، وآخرها تونس التي ودّعها بمظاهرات هي الأولى من نوعها ضده في الوطن العربي، موجهين له اتهامات بإصدار أمر قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
تشهد العاصمة الأرجنتينية إجراءات أمنية مشددة، فقد أعلن اليوم الأول من قمة مجموعة العشرين، غدا الجمعة، يوم عطلة في بيونس آيريس، فيما تتواجد الفرق الأمنية الأميركية المتقدمة بالفعل في بيونس آيريس منذ 12 يوماً.
وخلال مؤتمر القمة، سوف تشارك سفينة بحرية أميركية وثلاث طائرات مراقبة من طراز E-3 AWACS وثلاث طائرات تزويد بالوقود، من طراز KG-135، في رصد ومراقبة مدينة بيونس آيريس.
لا يبدو أن ولي العهد السعودي يشعر بالقلق من الشكوى التي قدمتها المنظمة غير الحكومية «هيومن رايتس ووتش» أمام نظام العدالة الأرجنتيني للقبض عليه بسبب جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبها بلده في اليمن.
فقد استقبل وزير الخارجية الأرجنتيني، جورج فوري، ولي العهد السعودي في المطار، ولو كان لديه أي شعور بأن هناك أي مخاطرة من هذه الجولة لما أقدم عليها.
وتجدر الإشارة إلى أن الشكوى التي تقدمت بها منظمة «هيومن رايتس ووتش» ضد ولي العهد هي حالياً بين يدي المدعي العام الفيدرالي، وسيتعيّن عليه الآن جمع الأدلة التي سيُحللها لاحقاً القاضي، وهو ما سيأخذ وقتاً ليس قليلاً.
وما يزيد من طمأنينة الأمير الشاب، هو أنه يعلم أن درجة تعقيد الإجراءات القضائية في هذه المسألة والحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها تحول دون اعتقاله.