وكالة الأنباء الفرنسية، المعروفة بتحيزها العدائي تجاه المغرب ومحتواها اللاذع -نصا وصورا- كلما تعلق الأمر بالمملكة المغربية في قصاصاتها، تفوقت على نفسها يوم الأحد 29 يناير 2023. وذلك، من خلال نشر « تحيين» لمقال تحت عنوان « المغرب: البرلمان الأوروبي يسلط الضوء على مصير الصحفيين المسجونين».
سنعود إلى القسم الذي وضعت فيه هذه القصاصة وهي « الحروب والصراعات »، فالأمر يتعلق بخبر يرتبط بالشؤون الداخلية لبلد معين، وفي هذه الحالة المغرب. المثير في الأمر قبل كل شيء هو سبب هذا التحيين، وهي عملية تستخدم عادة لإضافة عناصر جديدة تتعلق بواقعة معينة، أو تقديم مزيد من التفاصيل أو تصحيح أية أخطاء. لكن في هذه القصاصة، قامت وكالة فرانس برس، وهي تابعة لوزارة الخارجية الفرنسية، بتغيير النص فقط بإضافة كلمات وأوصاف معادية للمغرب.
إقرأ أيضا : غير مقبول! صحيفة « لوموند » تنشر نداء خطيرا للبوليساريو بارتكاب أعمال إرهابية بالمغرب
بعض الأمثلة تكفي لإثبات ذلك. تتعلق إحداها بالأحكام الصادرة في ثلاث قضايا اغتصاب توبع فيها صحفيون. بذريعة السعي لتحقيق التوازن، ذكرت وكالة فرانس برس بشكل غامض موقف السلطات المغربية في قصاصتها الأولى... قبل إفقارها في النسخة الثانية منها. وهكذا تم حذف الجملة « تؤكد السلطات المغربية أن هذه قضايا جنائية « لا علاقة لها » بحرية التعبير »، وتم استبدالها بعبارة « لكن بالنسبة للسلطات المغربية، فإن هذه القضايا ليست لها علاقة بها بحرية التعبير ». ومع ذلك، فإن الدقة كانت تقتضي أن تقول بأن « الطبيعة الجنائية » للتهم الموجهة ضد الأشخاص المعنيين هي التي تبرر إدانتهم. لكن من الواضح أن هذا لا يخدم الأهداف الخبيثة لوكالة فرانس بريس.
في النسخة الأولى، ذهبت وكالة فرانس برس إلى أبعد من ذلك من خلال الاستشهاد بحالات لم يتطرق إليها قرار البرلمان الأوروبي. هذا هو حال المحامي السابق محمد زيان، الذي قدم على أنه « معارض »، والحال أنه سجن بتهمة الخيانة الزوجية والتحرش الجنسي. لم تعمد الوكالة الفرنسية إلى تصحيح الأمر، بل أضافت شيئا جديدا في النسخة الثانية من قصاصتها بذكر تصريح لنجل زيان مفاده أن « جلسة للنظر في طلب الإفراج عن هذا المحامي البالغ من العمر 79 عاما ستعقد يوم الإثنين في الرباط ». إذا كانت المعلومة غير صحيحة، فإن إدراجها ليس له من هدف سوى تضخيم وضع « الضحية » التي بلغت من الكبر عتيا.
رد فعل المحامية عائشة كلاع، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا، الذي نقلته وكالة فرانس برس، والذي يعتبر قرار البرلمان الأوروبي « غير مسؤول »، أصبح، في النسخة المعدلة والمحينة والمركزة للوكالة الفرنسية، تعليقا شخصيا بسيطا. إذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي يجب فهمه من تغيير الجملة « إذا كانت هذه القضايا الجنائية ملفقة، فهل الضحايا هم أيضا ملفقون؟ » نصبح « إذا كانت هذه القضايا الجنائية ملفقة، وهو الأمر لا أعتقده، فهل الضحايا هم أيضا ملفقون؟ ».
من خلال هذا التلاعب، قام مسؤولو الوكالة أيضا بتبخيس أهمية رد البرلمان المغربي على قرار البرلمان الأوروبي، من خلال التغاضي من نسخة إلى أخرى على « إجماع » البرلمان المغربي على رفض القرار الأوروبي وحقيقة أن الأمر يتعلق بـ »الشؤون الداخلية للمملكة ». وهكذا تحولت الجملة « انتقد البرلمان المغربي بالإجماع » التدخل الأجنبي «في الشؤون الداخلية للمملكة » إلى أن «البرلمان المغربي ينتقد « التدخل الأجنبي».
وما زاد الطين بلة أن وكالة فرانس برس حرفت تصريحات رشيد حموني، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، متجاهلة ليس فقط انتماءه الحزبي وتحريف كلماته بشكل خبيث. وهكذا، فإن جملة « نائب عن حزب التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، دعا إلى « الطي بالأسلوب المناسب لبعض الملفات التي يستغلها خصومنا لتنفيذ هجمات عبثية ضد بلدنا » الواردة في البداية استبدلت في النسخة بما يلي: « دعا النائب الاشتراكي رشيد حموني إلى » طي بعض الملفات »- مثل ملف سجناء الرأي- والتي، من وجهة نظره، يستغلها الخصوم لمهاجمة المملكة ».
كما أن العمق التاريخي للشراكة التي تربط المغرب بالاتحاد الأوروبي فلم يسلم بدوره من هذا التلاعب. الفقرة القائلة بأن « المغرب والاتحاد الأوروبي مرتبطان منذ 1996 باتفاقية شراكة تشمل العلاقات الاقتصادية الوثيقة» تحولت إلى ما يلي: «المغرب والاتحاد الأوروبي مرتبطان باتفاقية شراكة تشمل العلاقات الاقتصادية الوثيقة».
الأمر أصبح واضحا، هدف وكالة فرانس برس ليس الإخبار بالوقائع والحقائق المتعلقة بهذه القضية، ولكن للي عنق هذه الوقائع لخدمة أجندتها المعادية للمملكة، ضاربة بعرض الحائط مبدأ البحث عن الحقيقة الذي يجب أن يكون هاجسها في عملها. بمثل تلك التصرفات، لا تقدم وكالة فرانس بريس في آخر المطاف إلى قصاصات بئيسة وغير ذات قيمة عن المغرب.