أثار قرار إيقاف الصحفي رشيد مباركي، يوم 12 يناير 2023، الذي اتخذته القناة التليفزيونية التي عمل فيها منذ أكثر من 18 عاما، اهتمام الرأي العام، منذ أن أعلنت وسائل الإعلام الفرنسية عن هذا الخبر يوم 2 فبراير.
وتناسلت الأسئلة منذ هذا الإعلان. ما التهمة الموجهة لهذا الصحفي ورئيس التحرير، الذي لديه أكثر من 30 عاما من الخبرة ويقدم النشرة الإخبارية الليلية في قناة بي إف إم منذ انطلاقها في سنة 2005؟ وفقا لصحيفة بوليتيكو (Politico)، أول صحيفة كشفت عن هذا الخبر، فإن تحقيقا داخليا يتم إجراؤه داخل القناة الإخبارية الفرنسية بعد بث محتوى « لم يصادق عليه » « في ظروف مشبوهة».
الصحراء المغربية في قلب عاصفة إعلامية في فرنسا
وتحديدا، فإن الانتقادات الموجهة للصحفي، الذي يقدم أيضا برنامج « Faites entrer l’accusé » على قناة إر إم سي ستوري (RMC Story)، هي أنه أشار في القناة إلى « الصحراء المغربيةّ وليس « الصحراء الغربية »، خلافا لما دأب عليه الإعلام في فرنسا.
وهكذا، ففي سياق تقرير قدمه رشيد مباركي، الصيف الماضي، حول منتدى الداخلة الاقتصادي حيث التقى المستثمرون الإسبان في يونيو 2022، أشار الصحفي إلى أن عودة « الدفء للعلاقات الدبلوماسية » بين إسبانيا والمغرب، يسهل « الاعتراف الإسباني بالصحراء المغربية ». موضوع حساس بالنسبة للسلطة في فرنسا، التي لا يبدو أنها راضية عن الطبيعة الاستراتيجية للعلاقات بين الرباط ومدريد، المدعومة بوضوح موقف إسبانيا من الصحراء الأطلسية.
الإشارة إلى مغربية الصحراء كان كافيا لإثارة زوبعة حقيقية داخل القناة وفتح تحقيق داخلي للاشتباه في تدخل المغرب. وهو ما يرى فيه العديد من المراقبين على أنه حملة حقيقية مدبرة ضد المغرب.
وهكذا، ففي وقت كان فيه المغرب موضع تهجم إعلامي شرس منذ أن حاول البرلمان الأوروبي تبرئة نفسه من اتهامات الفساد التي هزت أركانه، من خلال استهداف المغرب، تبرز واقعة جديدة يعود تاريخها إلى يونيو 2022 من أجل تأكيد أفضل للاتهامات الموجهة للمغرب بالتدخل.
ورغم أن قناة بي إف إم تي في ترفض التعليق على التدخل الأجنبي، إلا أن الصحافة الفرنسية سارت في هذا الاتجاه بنشر المعلومات التي نشرتها بوليتيكو في 2 فبراير، وبذلك شاركت بدورها في الحملة المسعورة ضد المغرب.
تخمينات تتحول إلى أدلة
ودائما على أعمدة بوليتيكو، هذه الوسيلة الإعلامية التي بدأت في نشر تخمينات مشكوك فيها من خلال نشر مقابلة مصورة مع رشيد مباركي أجراها مع Le360، قدمته على أنه « مقرب من السلطة » في المغرب. وهكذا، فإن الصحفي، الذي سارعت إلى ذكر أصوله المغربية، متهم ليس فقط بإجراء حوار مع موقع إخباري مغربي، ولكن أيضا بالحديث عن صلاته ببلده الأصلي. تصريح خاص لرشيد مباركي أثار الحساسية عندما قال إنه « يحاول المساهمة بطريقته وعلى مستواه المتواضع في إشعاع المغرب » عندما سئل حول مشاركته في التقارب من خلال المنظمات غير الحكومية بين فرنسا والمغرب ...لكن سرعان ما نرى في ذلك مؤامرة.
وصرح رشيد مباركي، الذي سألته صحيفة لو باريزيان، قائلا: « إنني انتقدت لأنني قدمت معلومات على الهواء لم تمر عبر دوائر التحقق الرسمية »، مستشهدا كمثال باستحضار منتدى اقتصادي بين المغرب وإسبانيا في الداخلة، ولكن أيضا « الوظائف المهددة في كوت دازور باختفاء الأوليغارشية الروسية بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا ». لقد أصبحت الآن كل الأخبار التلفزيونية التي قدمها الصحفي المشتبه بالتحيز، والادعاء بتدخل دول أفريقية وعربية أخرى، مثل السودان وقطر، لسبب بسيط هي أنها كانت موضوعا تم تناوله في النشرة الإخبارية الليلية لقناة بي إف إم تي في.
من جانبه، أكد الصحفي حسن نيته، مشيرا إلى أن هذه المعلومات بدت له بكل بساطة «مهمة» لتقديمها للمشاهدين، بحسب لو باريزيان، مفندا الاتهامات الكاذبة بالتدخل والتي وصفها بأنها «سريالية».