التفسير الأول أن الوزير متفائل “أكثر من اللزوم”، والتفسير الثاني هو أن الخلفي يخرج لسانه ليسخر منا ويضحك على دقوننا... لماذا؟
جريدة البيان تقول في عدد يوم غد الأربعاء، تحت عنوان “الحكومة تدعم الأسر ذات الدخل المحدود لاستقبال TNT”، إن الخلفي قدم أمس الاثنين أمام ممثلي الصحافة المكتوبة مشروع المخطط الوطني للتلفزة الرقميةالأرضية. المساء من جهتها قالت إن المخطط المذكور يأتي “استجابة للالتزامات الدولية في مجال الانتقال إلى البث الرقمي، وحماية للسيادة الوطنية في هذا المجال”.
في السياق نفسه تقول الأحداث المغربية أن الوزير بسط “آلياته الحربية وأجملها في اعتماد مخطط وطني للتلفزة الرقمية الأرضية، وإرساء لجنة وطنية للانتقال إلى التلفزة الرقمية الأرضية، ووضع جدول زمني متعارف عليه لإنهاء خدمات البث التناظري، وتعبئة موارد مالية مهمة من أجل إنجاح مخطط الانتقال، وذلك من خلال إحداث صندوق لتمويل حساب خاص يدرج في مشروع ميزانية 2014“.
سخرية القدرإنه لمن سخرية الأقدار أن يتحدث الخلفي عن التلفزيون الرقمي الأرضي في وقت تلفزتنا “طافية”، ونزلت في عهده الزاهر القناة الأولى إلى الدرك الأسفل، أو تحت عتبة الفقر التلفزيوني، بنسبة مشاهدة أقل من خمسة في المائة.
إن الحديث عن “تي إن تي” يكون بالأساس عن طريق تقديم مضمون جيد وليس الوعود. وعلى الوزير قراءة الأرقام التي بين يديه جيدا: فعزوف المغاربة عن اقتناء التي إن تي ليس لغلاء الأجهزة ماداموا يصرفون الكثير على “دريم بوكس” وغيرها من علب الأحلام، بل لأن مضمونها مقزز ويدعو إلى الغثيان.
وبدل خوض معركة الجودة الحقيقية جاء اليوم ليقفز على ورش قادته الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، والهيأة العليا للاتصال السمعي البصري منذ 2007. من خلال العزف على نغمة سياسوية ـ انتخابوية لدعم “الأسر ذات الدخل المحدود” التي يريد الوزير أن يسقيها التلفزيون بالملعقة.
إن ما يجري اليوم هو محاولة للاستحواذ على ورش من طرف "شخص" أو "حزب" بينما هو مجال مشترك بين فاعلين ثلاث، معنيون بهذه الثورة الرقمية بشكل عادل ومتساوي: الحكومة والقطب العمومي والهاكا .
المعركة هي معركة مضمون وليست قضية 300 درهم للجهاز الفارز، فجل الأجهزة التلفزيونية الحديثة مجهزة سلفا بالتي إن تي دون تكبد مصاريف إضافية. والحكامة والتنافسية والجودة... شعارات جميلة، لكن المهم هو كيفية تحقيقها وتنزيلها، فتطوير مضمون القنوات السبيل إليه هو خلق صناعة تلفزيونية حقيقية. أما ما يقوم به الخلفي ليس إلا هروب إلى الأمام، يدفع من خلاله بتلفزيون مشلول ليجري سباقات المسافات الطويلة… إنه عبث يضاف إلى عبث وكفى.