اعترف عبد الله البقالي، مدير جريدة العلم في زاويته "حديث الصباح" في عدد غد (الاثنين)، بأنه عادي جدا "أن تكون لنا آراء ومواقف شخصية من أداء مؤسسات الإعلام العمومي، بل من حق كل واحد منا أن يصوغ المواقف حسب قناعاته، لكن حين ننتقل إلى مستوى المؤسسات يجب أن نجسد قناعاتنا في دولة القانون والمؤسسات"، فالحرب الضروس التي تدور رحاها بين المسؤولين عن قنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون وصورياد من جهة، وحزب العدالة والتنمية من جهة ثانية، تصلح محرارا لقياس مدى قدرة الجميع على تجسيد هذه القناعة.
وقال البقالي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال المنسحب من الحكومة، إن "مسؤولي حزب العدالة والتنمية يرون أن منطق الربح السياسي يمثل خيارا استراتيجيا لهم في هذه الحرب، رغم علمهم بوجود مؤسسة قانونية تختص بقوة القانون بالنظر في إخلال قنوات التلفزيون العمومي بتعهداتها والتزاماتها، وأن أي نزاع أو تأويل يفرض القانون العودة إليها".
ولم يفهم البقالي، حسب قوله، إعلان رئيس الحكومة حربا على مؤسسة توجد تحت وصاية السلطة التنفيذية، كما لا يفهم تقديمه نموذجا سيئا، فيما يتعلق باحترام اختصاصات المؤسسات حيث كان الأجدر به التوجه إلى الهيأة العليا للإعلام السمعي البصري للنظر فيما حدث". فما الذي يمنع بنكيران من التوجه إلى هذه المؤسسة؟ وهل هذه الحرب لها نتائج في التلفزيون؟
تخوف البقالي من هذه الحرب تزامن مع حالة الإفلاس التي توجد عليها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، ووصلت إلى حد التوقف التام، والأمر قد يصل قريبا إلى رواتب المستخدمين، حسب جريدة العلم التي أشارت إلى أن هذه "الأزمة أدت في وقت سابق بمتعاملين مع الشركة، سواء الفنادق أو شركات الطيران إلى وقف تعاملهم بسبب الديون المتراكمة عليها".
التحكم في الإعلام
ذكرت جريدة النهار المغربية، التي لا تخفي معارضتها القوية لحزب العدالة والتنمية، في مقال لها أن حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوي لحزب بنكيران، "تتحكم في الفن والسينما والصحافة"، مشيرة إلى أن "الترشيحات لمنصب الكاتب العام لوزارة الاتصال أثارت ضجة كبيرة وسط الوزارة وخارجها، خصوصا بعد أن تأكد الجميع أن سعد لوديي، رئيس ديوان مصطفى الخلفي، هو المرشح المفضل لهذا المنصب، علما أن وجود ترشيحات أخرى مجرد خدعة حتى يظهر أن الاختيار في المناصب المسؤولية يتم بنزاهة وشفافية، كما وعد حزب العدالة والتنمية".
ولم تخف الجريدة نفسها أن "منح الكتابة العامة لوزارة الاتصال لعنصر قيادي في التوحيد والإصلاح فيه "إخلال بالتوازنات ومحاولة كبرى للتحكم في مجال حيوي يهم مراقبة الفن والأعمال التلفزيونية والسينمائية، والتحكم في الدعم المخصص للأفلام والصحافة، أي تملك أداة من أدوات تصفية الحسابات مع جميع الخصوم"، كما تقول الجريدة نفسها.
إنها حرب تتعدى أحيانا مشاهد لعبة القط والفأر، فالعلاقة بين الحزب الحاكم والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون إشكالية حقيقية تجسد علاقة الحكومة بالقنوات التلفزيونية العمومية، ومن أهم ت جلياتها انعدام الثقة بين الطرفين يؤدي المواطن وحده الضريبة في تلفزيون "متخلف" وحكومة مترصدة به.