يطل علينا بين الفينة والأخرى قراصنة الويب، حاملين معهم معطيات شخصية لضحاياهم من المشاهير، تكون عبارة عن كلمات مرور لعناوينهم الإلكترونية، وقد يصل الأمر لفيديوهات فضائحية، أو معلومات حساسة كما حدث في الأسابيع الأخيرة مع ما سمي بتسريبات "كريس كولمان". من يتساءل عن مصدر هذه المواد، سيجد ظالته في "الويب العميق"، أي تلك المواقع التي لا يصلها المتصفح العادي، والتي لا تتم أرشفتها في غوغل كباقي المواقع، فالأنترنت ليس فقط ما تراه، إنه أيضا ما لا تشاهد. هناك الكثير من المعلومات التي لا تظهر في محركات البحث العادية والتي عادة ما تظل خفية عن الجمهور العام.
في ظلمات "الويب العميق" تحدث أمور خطيرة، تحول هذا المكان الافتراضي إلى ما يشبه سوقا سوداء لتبادل المعلومات الخطيرة بين "هاكرز" عالميين.
في هذا الصدد يقول أمين الذي يحمل "لقبا حركيا" في عالم الويب العميق يحمل اسم "بلاك فوكس" أو الذئب الأسود، واصفا هذا الجزء الخفي من الشبكة العنكبوتية "الأمر أشبه بـ"الأيس برغ" أي ذلك الجبل الجليدي الذي تظهر قمته، فيما يختفي الجزء الأهم والأكبر تحت الماء، فعالم الأنترنيت الذي يبحر فيه العامة هو تلك القمة الظاهرة، بينما الجزء الاكبر هو الجزء الخفي من الشبكة"، كما يصف هذا "القرصان الالكتروني" في حديثه لـLe360 ما يجري في هذه العوالم، بأن هناك أشبه مافيات خطيرة تعرض فضائح المشاهير من سياسيين وشخصيات عامة، حيث يعرض أحدهم غنيمته من معطيات شخصية لضحيته، ليقتنيها آخر له فيها مآرب، وهكذا يتم استفزاز الضحايا تارة بالمال، وتارة أخرى يتم بيع هذه المعطيات، التي قد تكون عبارة عن فيديوهات جنسية، لمن يدفع أكثر، وبقية القصة معروفة".
الحديقة الخلفية للنت
وبلغة تقنية، يفسر محدثنا الفرق بين ظاهر الويب وما خفي فيه، حيث أن مواقع الويب الفي لا تتم أرشفتها نهائيا، ولا يتم الدخول إليها عبر بروتوكولات (httpأو www)، بل إن الدخول إليه ليس في متناول الجميع أيضا.
ويعطي "بلاك فوكس" نماذج لما يعرض في الويب العميق، خصوصا في ما يتعلق بالمغرب "هناك تقع أمور لا تصدق، قد تجد مواقع ظاهرها شيء وباطنها شيء آخر، مثلا قد تجد موقعا يعنى بالترجمة ظاهريا، لكنه في الواقع عبارة عن مكان لتبادل فضائح السياسيين المغاربة، أو أشرطة لقياديي جماعة العدل والإحسان، أو فضائح لكبار رجال الشرطة المغربية".
وفي وصف دقيق للويب العميق، يقول محدثنا إن هناك مجموعات لتبادل معلومات سرية حساسة، يتم بيعها بأموال طائلة تحول عبر "الدروبات" لتفادي الشبهة، وضمانا للسرية، هذه المعلومات قد تكون عارة عن قاعدة بيانات وإيميلات مخترقة لشخصيات مرموقة، يتم البحث في محتواها عن الأسرار التي بدورها تباع سواء لأصحابها الأصليين بمقابل مغر، أو ببساطة لمن يدفع أكثر".
عوالم مجهولة
بمجرد ما تلج للأنتريت المظلم، بعد أن تكون قد استعملت متصفحا من نوع خاص مدعوما بنظام لينوكس، سيكون بإممكانك الولوج إلى عوالم جديدة، بدءا من الموسوعة الخفية التي تعد أكثر المواقع شذوذا، إذ تعرض موادا إباحية لأطفال في الرابعة من عمرهم، وبعضها يعرض لفتيات يتم ابتزازهن أمام الكاميرات أو حتى اغتصابهن، وبعضها يعرض عمليات قتل بشعة! وقد يصل الجنون بمرتادي هذا الجزء من الويب إلى فكرة استئجار قاتل تحت الطلب، جاهز لأي مهمة، ينتظر فقط تحويلا ماليا سخيا!
أو حتى تحويل مكان افتراضي إلى سوق لبيع الأسلحة، كما يقع حاليا في دول أوربا الشرقية، دون استبعاد وجود عناصر مندسة بينها، مهمتها التجسس لصالح أي جهة، بما فيها أجهزة المخابرات الدولية.
خلاصة القول، إن ما يجري في الويب العميق يبدأ من أجل أن لا ينتهي، هناك، كل شيء مباح، كل شيء صالح للبيع، ولا صوت يعلو فيه على صوت المال وذهاء "الهاكرز".