وتواصلت الحرب الإعلامية بين القناتين، وآخر فصول هذه الحرب، ما يحدث منذ صباح اليوم الأربعاء من فض لاعتصام مؤيدي مرسي، إذ تقول الجزيرة اعتمادا على مصادر إخوانية إن عدد القتلى وصل إلى المئات، في حين أن قناة العربية والقنوات المصرية الوطنية تحدثت عن "استشهاد" أربعة من رجال الشرطة، وروجت لأخبار تفيد باعتراض أفراد من الإخوان للناس العامة.
ولعل أولى إرهاصات الاختلاف ظهرت إبان بروز انتفاضات الربيع العربي قبل سنتين، وتأكدت عند الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، كل تناولت كل قناة إخبارية الحدث من خلال رؤية مموليهم في الدوحة والرياض.
ولوحظ تناول الجزيرة والعربية للأحداث في مصر فى اتجاهين معاكسين للغاية، فبينما بثت العربية لقطات حية للاحتجاجات فى ميدان التحرير المعارضة لمرسي، عرضت الجزيرة على شاشاتها مظاهرة مؤيدة لمرسي فى ميدان رابعة العدوية بالعاصمة، وبينما وصفت الجزيرة ما حدث بالانقلاب ضد الشرعية، أشادت به العربية بوصفه ثورة ثانية.
وكان موقف قناة العربية انعكاسا واضحا للخط الذى تبناه العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي كان أول زعيم من الخارج يهنئ الرئيس المؤقت عدلي منصور بعد ساعات من إعلان توليه الرئاسة مؤقتا بدلا من مرسي، إلا أن الجزيرة تبنت موقفا مناقضا تجاه أحداث 30 يونيو، تجلى عبر تغطيتها للأحداث، وإبرازها لحجم المحتجين في رابعة العدوية، مقابل ذلك انخرطت القنوات “الوطنية” المصرية في حرب الأرقام، من خلال تضخيمها للمتظاهرين في ميدان التحرير والتقليل من حجم المؤيدين لمرسي في رابعة العدوية.
وتبقى واقعة الحرس الجمهورى التى قتل فيها 53 من مؤيدي مرسي، أبرز ساحة للحرب الإعلامية بين معتركي الجزيرة والعربية، حيث تجاهلت الأخيرة تماما رواية الإخوان المسلمين، وركزت على بلاغات الجيش، بينما نزلت قناة الجزيرة إلى أرض الحدث وبثت لقطات حية من المستشفى الميداني، وعرضت صور الضحايا، هذا دون الحديث عن التجاوزات الأخلاقية في التغطية حيث ظهرت الجثث على الهواء.
ستتستعر الحرب الإعلامية، مادامت الأوضاع لم تهدأ في مصر، وستتواصل أيضا حرب الأرقام، حيث زاغ إعلام الطرفين عن وظيفته الإخبارية، وتحول إلى سلاح يستعمل سحر الأرقام من أجل تجييش الأنصار.