فضلت أغلب الصحف اليومية، خلال نهاية هذا الأسبوع، تقليد مثيلاتها الأسبوعية، فنبشت القبور وتحدتث عن الموتى، واقتحمت المكتبات باحثة عن الإثارة التاريخية أو معلومات تغني القارئ عن اقتناء أمهات الكتب، فما أسباب هذا الوله "الصحفي" بالأزمنة الغابرة؟
الجواب حسب ما ذكر رئيس تحرير هيسبريس في افتتاحيته، اكتشافه "أنه يكفي الحصول على صورة لم يسبق نشرها للملك الراحل الحسن الثاني لتحقق الصحف أعلى نسبة مبيعات، وكذلك الحال بالنسبة إلى موضوعات تاريخية أخرى عن أفقير أو الدليمي أو البصري"، ولتأكيد خلاصته اعترف أنه الآن "فهم لماذا كان يصر رؤساء التحرير الذين اشتغل معهم على ترديد هذه الجملة مرتين في الشهر:ابحثوا لي عن موضوع غلاف في التاريخ، فقد كان يعتقد (رئيس تحرير هسبريس) أن الرجل يحب التاريخ ويريد أن يصحح للمواطن المغربي البسيط العديد من المغالطات التاريخية، لكنه الآن يقر أن التاريخ يرفع من نسبة المبيعات”، إذن الأمر محسوم فالرفع من المبيعات سبب يدفع الصحف والمجلات إلى نشر التاريخ في صفحاتها.
ولجأت جريدة المساء، دون أن تدري، إلى العمل بنصيحة رئيس تحرير هسبريس، فخصصت أربع صفحاتها لموضوع عنونته ب"المساء تتعقب مافيات تهريب آثار المغرب"، مضيفة ".. عندما أدت غضبة الحسن الثاني، بسبب سرقة الإله باخوس، إلى تعذيب أهالي زرهون،" ثم عادت في صفحاتها الداخلية إلى سنة 1982 حين تعرض موقع وليلي لسرقة أنفس تحفة كان المغرب يتوفر عليها، ثم توالت باقي المقالات متحدثة عن مافيات دولية لتهريب الكنوز، وحقائق تاريخية تنشر لأول مرة عن التمثال باخوس. قصص ممتعة تجعل القارئ في المغرب الحديث يعيش عوالم التحف النفيسة.
وعكس المساء، بدت أهداف جريدة الإتحاد الاشتراكي باللجوء إلى التاريخ محددة مسبقا، فقد خصصت ملفها الرئيسي ل"علماء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذين حملوا السلاح ضد الاستعمار وضد الاستبداد، وعاشوا بسطاء بين السجن والسماء، قبل أن تشير إلى بلعربي العلوي، مؤسس الحركات التحررية ووزير التاج، الذي يحلب الماعز من أجل لقمة العيش، والفرقاني، الفقيه العضوي الذي يحمل السلاح". فهل هو حنين إلى الماضي؟ أم أن الجريدة تواجه ما تعتبره تطرفا بعلماء "اشتراكيين" عُرف عنهم تسامحهم؟
جريدة الأخبار لجأت بدورها إلى التاريخ، فتحدثت عن "صفحات منسية من تاريخ السجن والسجانين، مشيرة إلى بعض الأساليب العتيقة "مثل التكبيل بالسلاسل قبل العرض على النيابة العامة، وزنازن أضيق من القبور، وسجناء يموتون بعد فصل رؤوسهم".
الأكيد، كما قال رئيس تحرير هسبريس، أن المغاربة يعيشون في 2013 بعقول، وقلوب تسكن أو تعيش في 1981.