للإجابة عن هذا السؤال لابد من النظر إلى لكوبل من زاويتين: أولا من زاوية الشكل: فالمدة الزمنية للكوبل لا تتعدى ثلاث دقائق يقال خلالها المهم ليس بواسطة حكاية تتطلب حبكة ونسيجا دراميا طويلا، بل مواقف يمكن أن يقع فيها أيا كان. فالشكل القصير جدا يجعل المواقف مستساغة وسلسة، ويمكن مشاهدتها بكثافة على شبكة الانترنيت، إذ لم تعد تقاليد المشاهدة مرتبطة بالتلفزيون، بل أصبح لكوبل منتوجا رقميا يتم مشاهدته وتقاسمه على شبكات التواصل الاجتماعية بكل بساطة.
يجب أن لا ننسى أننا أمام متغير في تقاليد الفرجة لدى المغاربة، وكبسولة مكونة من ثلاثة دقائق توفر الانتشار الكبير، وتؤسس لسلوكات جديدة ما دام المشاهد لم يعد يتوفر على الصبر الكافي من أجل مشاهدة سيتكوم مكون من 29 دقيقة مثلا.
وثانيا من زاوية المضمون: فلكوبل منتوج محلي مائة في المائة، ومتجدر في تقاليد المغرب العميق، لا في إعداده ولا في المواضيع المتناولة. في الوقت الذي نجد فيه منتوجا فاشلا اسمه “دور بيها ياشيباني” كتب حلقاته فرنسيون “يعيشون في باريس” لا يعرفون عن المغرب سوى “الكسكس والبابوش”. وفي منتوج آخر تعد “مينة” “كائنا فضائيا” جاء ليغزو الأرض بأسلحة القرف وقنابل الغثيان لا يربطه أي شيء مع واقع الحال.
إن كبسولة لكوبل لا يشكل فيها الموضوع ركيزة أساسية، بل إن المهم هو قوة الشخصيتين (الفد وبوطازوت)، أضف إلى ذلك كتابة كوميدية رصينة تنتزع الابتسامة والضحك مع كل جملة ومع كل كلمة، حيث يربط المشاهد مع الشخصيتين العبثيتين، بالمعنى الإيجابي، علاقة حميمية. خلافا مثلا لمنتوج يمارس الوضاعة التلفزيونية في أبهى حللها، وخسة الكتابة في أرقى تجلياتها، اسمه "الدنيا هانية" حيث "الناس داويين وصافي" لم لا؟ مادامت "الدنيا هانية".
«“ الخلاصة : هناك جهد وعمل وبحث يظهر في تفاصيل الدقائق الثلاث “»
لقد تمكن لكوبل من إثبات أن القبح والاستسهال ليس ماركة مغربية، وأن الفقر في الابداع ليس قدر الملايين من المغاربة، بل إن العمل الجاد يعطي نتيجة جادة تمنح شعورا بالمتعة والانتشاء، أما الترقاع والاسفاف والترهات فتعطي منتوجا مقززا يعطي شعورا بالغثيان وكفى.