بداية حلقة اليوم من "خيمة Le360" ستكون من مواصلة دعم أعضاء مجلس الأمن لمقترح الحكم الذاتي بشأن قضية الصحراء المغربية، مرورا بفضيحة إقصاء الجنرال الجزائري سعيد شنقريحة للسلطات والجهات العليا ببلاده، ثم وصولا إلى الصفعة التي وجهتها الجامعة العربية إلى النظام العسكري الجزائري بالعاصمة الأردنية عَمّان.
مجلس الأمن يواصل دعم مقترح الحكم الذاتي:
تردد صدى الدعم الذي حظيت به مبادرة الحكم الذاتي من أجل التسوية النهائية للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، التي قدمها المغرب في أبريل 2007، (تردد) بقوة خلال الاجتماع المغلق لمجلس الأمن، الذي انعقد يوم الأربعاء الماضي.
وهكذا، فإن المبادرة المغربية للحكم الذاتي حظيت بدعم واسع من طرف العديد من أعضاء مجلس الأمن، حيث اعتبر هؤلاء الأعضاء أن هذه المبادرة تظل هي الأساس الجاد وذو المصداقية الكفيل بإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، كما كرسته قرارات مجلس الأمن منذ عام 2007.
وفي هذا السياق، جددوا دعمهم لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الرامية إلى إعادة إطلاق العملية السياسية الأممية، ووُجِّهت دعوة قوية وصريحة لاستئناف عملية الموائد المستديرة في أقرب الآجال، والتي ما تزال الجزائر تعترض عليها، في تحد إضافي للمجتمع الدولي.
وتجدر الإشارة إلى أن القرار 2602 ذكر الجزائر خمس مرات، داعيا إياها الى أن تظل منخرطة في عملية الموائد المستديرة خلال مدتها الكاملة، بروح من الواقعية والتوافق بهدف إنجاحها، مكرسا بذلك دور الجزائر كطرف رئيسي في هذا النزاع الإقليمي.
وأعرب أعضاء مجلس الأمن، خلال هذا الاجتماع، عن قلقهم الشديد إزاء خرق البوليساريو لاتفاق وقف إطلاق النار، وانتهاكاتها للاتفاقيات العسكرية، وعرقلتها لأنشطة المينورسو، ولحرية تنقل مراقبيها العسكرين.
فضيحة إقصاء الجنرال سعيد شنقريحة للسلطات والجهات العليا بالجزائر:
إن النظام الجزائري، الذي يحاول التملص من مكانه كطرف حقيقي في النزاع المفتعل حول الصحراء، يسعى بكل ما أوتي من جهد إلى الإساءة للوحدة الترابية المغربية، ويواصل تأكيد إصابته بهذيان المؤامرة والبارانويا الحادة. ففي برج باجي مختار، وهي منطقة تقع في أقصى جنوب الجزائر، عاد الجنرال سعيد شنقريحة مرة أخرى ليُشنّف مسامع قواته بنظرية "المؤامرة التي تتعرض لها الجزائر"، وهكذا هاجم اليوتوبرز الذين وصفهم بـ"المرتزقة" واعتبر أنهم "يزرعون بذور التفرقة بين الشعب وجيشه".
فقد أظهر شنقريحة أن المؤسسات الدستورية والسياسية في البلاد ليست سوى واجهة للسلطة العسكرية، وأعطى الدليل على ازدراء المؤسسات الجزائرية من خلال منح نفسه الحق في التحدث عن السياسة أمام قواته، داعيا المواطنين الجزائريين، انطلاقا من ثكنة عسكرية، إلى "الثقة في مؤسسات الدولة، على رأسها الجيش الوطني الشعبي... لبناء الجزائر الجديدة"، أما رئيس الجمهورية والحكومة والبرلمانيون والأحزاب السياسية والمجتمع المدني... فهم خارج التغطية.
هذا الخطاب الذي لم يكشف عن من يسمونهم "الأطراف المأجورة"، هو عرض من أعراض الهذيان والبارانويا التي أصابت الطغمة العسكرية الجزائرية، كما أنه يثبت بوضوح أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي يقوم فيها رئيس أركان الجيش نفسه بمهمة رئيسية، ليس للدفاع عن حدود البلاد، ولكن لتعقب وملاحظة المواطنين النشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين ينددون بعدم كفاءة وفساد وتسلط الجيش واستحواذه على مقاليد الحكم في البلاد.
لا يمكننا في أي بلد آخر في العالم، باستثناء الجزائر، أن نسمع عن جيش يحارب مواطنيه المصنفين على أنهم "إرهابيون" أو "مرتزقة" لمجرد أنهم اختاروا التعبير عن معارضتهم للنظام العسكري على شبكة الإنترنت.
في الواقع، إن جيشا خائفا من خمسة أشخاص، ينشطون فقط على شبكات التواصل الاجتماعي، يكشف قبل كل شيء عن هشاشته وعدم استعداده لتنفيذ مهامه الحقيقية في اليوم الذي سيتعين عليه فيه التصرف كجيش.
جامعة الدول العربية توجه صفعة قوية للنظام العسكري الجزائري بالعاصمة الأردنية عَمّان:
أما في ما يخص الصفعة القوية التي وجهتها جامعة الدول العربية للجزائر بعدما حاولت فرض اسم تبون، فقد انتهت تصرفات النظام الجزائري ومناوراته بشأن القضية الفلسيطينية بفشل ذريع، فاللجنة الوزارية العربية أكدت على أهمية الدور الذي يقوم به الملك محمد السادس في دعم القدس، ولم تذكُر اسم تبون.
إن المحاولة الجزائرية الأخيرة تكشف عن نظام يُجعجع كثيرا، لكنه غير قادر على الفعل.
يفرض الحس السليم أنه عندما لا ينجح تكتيك ما، يكون من الضروري تغييره، لأن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج، فماذا إذاً يأمل نظام يُصر على الاستمرار، مهما كانت التكلفة، في استعمال نفس الوسائل، ويأمل في تحصيل نتائج مختلفة؟ هذه الآلية البالية، قامت الجزائر بتفعيلها مرة أخرى في عَمّان، يوم الخميس الماضي، خلال الاجتماع العاجل للجنة الوزارية العربية المكلفة بالعمل الدولي في مواجهة السياسات الإسرائيلية في القدس.
خلال هذا الاجتماع، الذي مثل فيه وزير الخارجية، ناصر بوريطة، المغرب، حاولت الجزائر عبر ممثلها مرة أخرى توجيه ضربة جبانة ضد المملكة، لكنها محاولتها باءت بالفشل الذريع، وهذه المناورة تذكرنا بتلك التي قادتها الجزائر من أجل عرقلة اتخاذ بيان لمجموعة السفراء العرب لدى الأمم المتحدة في نيويورك بشأن التصعيد الأخير في محيط المسجد الأقصى.
في الأردن، عندما لاحظ أن البيان الختامي لهذه اللجنة، الذي تم اعتماده بالإجماع، تضمن فقرة تؤكد على دور الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس وبيت مال القدس الشريف، في دعمه لهذه المدينة المقدسة ومقاومة سكانها، طالب المندوب الجزائري فجأة بأن يتضمن البيان فقرة أخرى، تشيد بالدور المزعوم للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في دعم هذه القضية.
لكن الإشكال يتمثل في تحديد دور الرئيس الجزائري وأين تجسد دعمه للقضية الفلسطينية، لأنه، باستثناء الإعلان في شهر دجنبر 2021 عن هبة بمبلغ 100 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، ولا نعرف ما إذا كانت هذه الأخيرة قد توصلت بهذه الهبة، فإن الجزائر تميزت في هذا الصدد برغبتها في فرض المماثلة بين القضية الخاسرة للبوليساريو وقضية الفلسطينيين.
وقوبل طلب المندوب الجزائري السخيف والعبثي والخالي من أي مضمون بالتجاهل، إذ لم ير أي من ممثلي البلدان المشاركة الأخرى في هذا الاجتماع أنه من المفيد الرد عليه، نحن نتحدث عن دول مثل المملكة العربية السعودية والأردن وفلسطين وقطر ومصر وتونس والإمارات العربية المتحدة، لم يتفاعل أي مندوب منهم مع مثل هذه الوقاحة.
وفي النهاية، تم اعتماد نص البيان الختامي بالإجماع وفق الصيغة التي اقترحتها رئاسة اللجنة والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، متضمنا الفقرة المتعلقة بدور الملك محمد السادس.
الخيبات التي يحصدها النظام الجزائري في العالم العربي تنضاف للانتكاسات التي سجلتها الجزائر على الساحة الدولية، وآخرها ليس سوى المنعطف التاريخي الذي اتخذته إسبانيا بشأن قضية الصحراء.
كلما استمر التصعيد العدواني ضد المغرب، كلما زاد النظام الجزائري في اتخاذ مواقف وقرارات عبثية. منذ عام ونحن نشاهد هيجانا هستيريا للنظام العسكري، لكن بلا فائدة تُذكر. اعتقد القادة الجزائريون -عن خطأ- أن المدن المغربية ستحرم من الضوء بعد إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي، وأن المغرب سيجد نفسه معزولا بعد قرار إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات المغربية.
إذا وضعنا في جانب عدد البيانات الصحفية والتصريحات المعادية للمملكة، بما في ذلك تلك الصادرة عن الرئيس عبد المجيد تبون ورئيس الأركان سعيد شنقريحة، وفي جانب آخر نحاول قياس تأثير تلك القرارات والتصريحات على المغرب، فإن الحصيلة تافهة وسخيفة.
تصوير: حمدي يارى
مونتاج وغرافيزم: يوسف الحراق