تحقيق لقناة i24NEWS يفضح جرائم جبهة البوليساريو ودبلوماسية الظل الجزائرية

بوليساريو

بوليساريو . DR

في 02/02/2022 على الساعة 22:04

فيديوأجرى برنامج "هوت دي فينيسيون" (Haute définition)، الذي بث الأربعاء 2 فبراير، على قناة i24NEWS الإسرائيلية، تحقيقات بين إسبانيا والصحراء المغربية، حول ميليشيا البوليساريو، منذ إنشائها وحتى يومنا هذا. الشهادات الصادمة تكشف عن منظمة إجرامية تعمل بتواطؤ مع النظام الجزائري.

يبدأ التحقيق المصور في إسبانيا بلقطة هبوط طائرة طبية رئاسية جزائرية في 18 أبريل 2021 في مدينة لوغرونيو. على مدرج المطار، يرحب عملاء المخابرات الإسبانية بكبار ركاب هذه الطائرة: محمد بن بطوش، المعروف باسم إبراهيم غالي، الذي قيل إنه معرض لخطر الموت الوشيك بسبب إصابته بكوفيد-19.

في الوقت نفسه، لم يكن لدى خديجتو محمود أي فكرة عما يجري في بلد إقامتها، وأوضحت أمام كاميرا الصحفيين، أنها شعرت بالذهول عندما علمت لاحقا بوصول جلادها إلى إسبانيا، على الرغم من أنه متهم في إسبانيا بارتكاب جرائم إبادة جماعية واغتصاب وإرهاب، وكان عليه أن يحاسب على أفعاله أمام المحاكم الإسبانية منذ أكثر من عشرين عاما. وتتذكر بحرقة حكايتها مع هذا الجلاد قائلة: "أنا من ضحايا إبراهيم غالي. لقد تعرضت لاعتداء جنسي من قبله عندما كان سفيرا في قنصلية جبهة البوليساريو في الجزائر. لم أكن أتوقع ذلك، هجم علي على حين غرة واغتصبني. لقد غادرت القنصلية وأنا أصاب بنزيف رهيب".

ولفهم حيثيات هذه القضية بشكل أفضل والإفلات التام من العقاب الذي تمتع به إبراهيم غالي خلال إقامته في إسبانيا، فإن البوليساريو، هذه الميليشيا التي تعيش بفضل الدعم المالي والدبلوماسي للنظام الجزائري، كانت هي محور تحقيق الصحفيين.

من خلال العديد من الشهادات الصادمة لضحايا البوليساريو، ولكن أيضا لسائق وعميل للمخابرات الإسبانية، يكشف التحقيق دبلوماسية الظل وراء الكواليس التي يمارسها نظام الجزائر وحرب النفوذ التي تحتدم على خلفية استراتيجية الطاقة، ولكن أيضا على خلفية الإرهاب وتهريب الأسلحة.

ولادة جبهة البوليساريو

من بين الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، أحمد موسى، القنصل العام للمملكة المغربية في جزر الكناري وأحد مواطني مدينة الداخلة، والذي يصور البوليساريو كمجموعة اختارت حرب العصابات، بقيادة جماعة تدافع عن مصالحها الذاتية وهي المصالح التي لا علاقة لها بالدفاع عن الصحراويين. هذه المصالح هي مصالح دولة مجاورة، الجزائر على وجه التحديد، ولكن أيضا "دول أخرى اختارت، في زمن الحرب الباردة، نظام الحزب الواحد، نظام اليسار الراديكالي"، بحسب أحمد موسى.

من جهته ، أشار رافائيل إسبارزا، وهو عالم الاجتماع ورئيس جمعية الصداقة والتعاون الكناري-المغربي، والأستاذ الجامعي والمتخصص في الشؤون المغاربية، إلى أن جبهة البوليساريو، التي نشأت في حقبة أساسية في السبعينيات في المغرب، "ارتبطت حينها بحركات اليسار المتطرف (...)، أي كل يسار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بهدف رئيسي هو إسقاط النظام الملكي".

في هذه الحرب الباردة "تموقعت الجزائر في جهة والمغرب في جهة أخرى"، كما يتذكر هذا الباحث، في إشارة إلى الخلافات بين معسكرين، أي الأيديولوجيات اليسارية التي كانت الجزائر بالنسبة لها جنة حركات التحرر والمغرب الملكي، بلد يعتبره المعسكر الآخر بلد القمع الرأسمالي.

نتائج عكسية

هذه الفترة المهمة لبروز البوليساريو في عام 1973، تحت تأثير الاتحاد السوفيتي والجزائر وليبيا، يتذكرها جيدا العقيد ميغيل أورتيز، عميل المخابرات للحرس المدني في المغرب خلال فترة الحماية، خاصة وأنه تم إحضاره للقبض على إبراهيم غالي في العديد من المناسبات. "نحن الذين عشنا هذا الوضع، يمكنني أن أخبرك أنه فاجأنا على الرغم من وجود علامات تحذيرية لأكثر من عام من خلال رؤية الاجتماعات قيد الإعداد وتشكيل الخلايا. في البداية اعتقدنا أن كل هذه الإجراءات لم تكن موجهة ضد إسبانيا وللأسف كنا مخطئين. لقد فرضوا اقتطاعات مالية لبدء تجهيز أنفسهم بمركبات بما في ذلك لاند روفر وذهبوا لرؤية مجموعات أخرى لتجميع الأموال وشراء سلاح لكل مقاتل"، يتذكر ميغيل أورتيز.

ما لم تتوقعه إسبانيا بالتأكيد وما يلمح إليه ميغيل أورتيز هو الأعمال القاتمة التي قامت بها جبهة البوليساريو ضد إسبانيا والتي بلغت 289 هجوما ضد الصيادين الإسبان على طول السواحل المغربية، ولكن أيضا ضد العاملين في مناجم الفوسفور "الذين اختطفوا واحتجزوا وعذبوا وقتلوا بين عامي 1973 و1986"، بحسب ما ورد في هذا التحقيق.

هذه الأعمال والأساليب التي اتبعتها جبهة البوليساريو تجعل منها "جماعة إرهابية مدعومة من الاتحاد السوفيتي والجزائر". لأنه منذ الثمانينيات لم تغير البوليساريو سياستها.

فساد واختلاس واغتصاب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، هذه هي سيرة هذه الحركة الانفصالية، التي هددت المغرب في نونبر 2021 بتنفيذ هجمات في المدن الرئيسية بالمملكة، وهذه الجرائم ليست سوى جزء من التهم التي تثقل كاهل جبهة البوليساريو.

فالعديد من جنود حزب الله يقومون بإدخال السلاح إلى إفريقيا بدعم من الجزائر وجبهة البوليساريو التي ترحب بهم. وهكذا أصبحت الجهادية منذ زمن طويل كعقيدة داخل صفوف البوليساريو، من خلال ربط علاقات مع الجماعات الإرهابية مثل القاعدة. والدليل على ذلك هو هذا العنصر المنتمي لجبهة البوليساريو، وهو أبو وليد الصحراوي، وهو صديق مقرب لإبراهيم غالي، والذي أصبح أكبر زعيم لجميع الإرهابيين في منطقة الساحل والذي قتل في شتنبر الماضي على يد فرنسا.

إذا كانت الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها البوليساريو وأعضائها ممكنة، فإن ذلك بفضل كل الدول والجمعيات التي تدعم الانفصاليين ماليا. والدليل على ذلك الشهادة الصادمة لموسى، هذا السائق الذي رغب في عدم الكشف عن هويته والذي يشتغل لفائدة البوليساريو من خلال تهريب أوراق مزورة وكميات نقدية عبر إسبانيا وأوروبا. إذا كان موسى يؤكد إنه يجب أن يظل متحفظا ولا يطرح أسئلة على الأشخاص الذين يمدوه بالأموال، فإن أولئك الذين يتلقونها لا يخفونها بل وينشرون ثروتهم على شبكة الإنترنت.

يظهر هذا في مقطع فيديو تم بثه في إطار التحقيق الصحفي حيث نرى زوجة أحد قيادات البوليساريو، بدادي بنعمر، ترقص فرحا أمام لجنة مصغرة وهي تتباهى بحزم من الأوراق المالية. مثل هذا الاحتفال هي عادة الكثير من زوجات قادة البوليساريو، اللواتي يعشن بشكل مريح في إسبانيا، ويتلقين آلاف اليوروهات نقدا كل أسبوع من أموال الأمم المتحدة وأوروبا والجمعيات، والموجهة في الأصل لمساعدة الساكنة الصحراوية المحتجزة في المخيمات وتتعرض للاختطاف والاغتصاب والتي يتم استغلالها إعلاميا من قبل صحفيين جاهلين أو متواطئين.

التهديد بوقف الطاقة السلاح الفتاك للطغمة العسكرية الجزائرية

ما يستشف أيضا من هذا التحقيق هو ظل الطغمة العسكرية الجزائرية الذي يرخي بثقله على أفعال البوليساريو وتصرفاتها. إذا وصف الرئيس عبد المجيد تبون بأنه رجل قوي يكره المغرب والولايات المتحدة وفرنسا واليهود، فإن الطغمة العسكرية وصفت بأنها "تتمتع بقوة هائلة في دبلوماسية الظل"، من خلال استغلال "الإسلاميون في الجزائر منذ عقود"، ولا سيما من خلال التستر على "جرائم البوليساريو وعلى تهريب المخدرات التي ترعاها".

واحدة من الأسلحة التي يتم إشهارها: التهديد بوقف الطاقة الذي تستعمله ضد العديد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها إسبانيا. في مقابلة مع الصحفيين دون الكشف عن هويته، أوضح عميل للمخابرات الإسبانية الذي تتمثل مهمته في "ضمان الاستراتيجية الطاقية الإسبانية"، على حد قوله، أن قضية غالي كانت الشرارة التي عرت الدبلوماسية الخاضعة للضغوط. لأنه إذا كان "المغرب لديه أدوات ضغط يمكن أن يعبئها للإضرار بإسبانيا، فإن هذا هو الحال أيضا بالنسبة للجزائر"، يؤكد هذا العميل وهو يصف الموقف الذي لا يحتمل لإسبانيا باعتمادها إلى حد كبير على الغاز الجزائري. ويضيف: "يمكن أن يتسبب هذا في تهديد طاقة واضح بدأ بالفعل. نحن نتحدث عن وقف الطاقة "، وفي مواجهة هذا الأمر "هامش التفاوض بسانشيز صغيرا جدا".

إذن في ضوء هذه اللعبة الدبلوماسية الخطيرة التي تلعبها الجزائر، والتي سلطت الضوء عليها قضية إبراهيم غالي، ما هو الموقف الذي ستتبناه الدول الأوروبية التي أصبحت رهينة؟ وماذا عن التوتر بين الجزائر والمغرب؟ هل نتجه نحو حرب رمال جديدة؟ يؤكد البرنامج بحق أن الحرب التي تشنها الطغمة العسكرية الجزائرية ضد المغرب لم تتوقف أبدا.

تحرير من طرف زينب ابن زاهير
في 02/02/2022 على الساعة 22:04