بعد ضغط من ترامب وإدارته، قرر عملاق البحث الإلكتروني غوغل وشركات أمريكية أخرى إيقاف التعاون مع شركة "هواوي" وتعليق كافة الأعمال بينهما، بزعم أن الشركة الصينية تهدد الأمن القومي للأمريكيين والعديد من الدول الأوروبية. وهكذا سيتم سحب ترخيص "أندرويد" من هواتف "هواوي" المقبلة كإجراء أولي، كما سيتم حجب كل الخدمات التابعة لغوغل، على غرار "يوتوب"، "جيمايل"، "جووجل مابس"، ومتجر "غوغل بلاي"، ما يضع الشركة الصينية في أزمة حقيقية وأمام محك حقيقي.
وتأتي هاته الحرب الاقتصادية الشرسة ضد شركة "هواوي"، في سياق الإجراءات الحمائية الأمريكية التي تنهجها إدارة الرئيس الأمريكي، إذ يعتزم ترامب فرض رسوم إضافية على حوالي 300 مليار دولار من الواردات الصينية، وفي المقابل يخطط العملاق الصيني إلى زيادة الرسوم الجمركية على واردات أمركية بقيمة 60 مليار دولار اعتباراً من الأول من يونيو المقبل.
وفي خضم هذه البلبلة حول أزمة "هواوي" مع غوغل والشركات الأمريكية، يتابع المغاربة بترقب شديد تطورات هذه الأزمة ومآلاتها، حيث من المؤكد أن تداعياتها ستمس السوق والمستهلك المغربي بشكل أو بآخر، بحكم أن فئة كبيرة من الشباب المغربي مهتمون بالتكنولوجيات الحديثة، إذ يشكل هذا المجال مصدر رزق العديد منهم، علاوة على أن منتجات وهواتف "هواوي" فرضت نفسها بقوة في السوق المغربي، بحكم تقنياتها المتطورة وأثمنتها الرخيصة مقارنة مع شركات ك"آبل" و"سامسونغ".
وفي هذا الصدد يرى صلاح باينة، وهو أستاذ باحث بالمدرسة الوطنية العليا للمعلوماتية وتحليل النظم " ENSIAS "، وخبير في المعلوماتية والتكنولوجيات الجديدة، أن "تداعيات هذه الأزمة لن تظهر تجلياتها على الأقل في المدى القريب (6 أشهر المقبلة).
وأوضح باينة، في تصريح لـLe360، أن ملاك هواتف "هواوي" حاليا ليسوا معنيين بإجراءات الحظر التي فرضتها "غوغل"، وإنما الأمر يتعلق بالهواتف التي لم يتم طرحها في السوق بعد من طرف شركة "هواوي"، إذ ستكون هذه الهواتف محرومة من خدمات "غوغل" و"أندرويد".
وبخصوص تضرر شركات الاتصال المغربية من هذا الحظر، قال صلاح باينة: "شركات الاتصال المغربية ستكون أمام خيارين مثلها مثل باقي شركات الاتصالات العالمية، حيث ستضطر إلى الانحياز إما للخيار الصيني الذي يمتلك تقنيات متطورة من الجيل الخامس "5G"، أو انتظار إصدار الولايات المتحدة الأمريكية لشبكة "5G" خاصة بها، مع العلم أن الصينيين يتفوقون على نظرائهم الأمريكيين في هذا المجال".
ورجح الخبير المعلوماتي أن ينقسم العالم إلى معسكرين، الأول تابع للولايات المتحدة الأمريكية من حيث تكنولوجيا الاتصال، والثاني تابع للصين، حيث أشار إلى أن الانضمام للمعسكر الصيني يبقى خيارا صعبا، حيث ستتعرض الدول التي تتعامل مع الصين في هذا المجال إلى ضغوطات وعقوبات اقتصادية، على غرار ما وقع مؤخرا مع الدول التي حاولت التعامل اقتصاديا مع إيران.
وأضاف صلاح باينة، أن الأسباب الحقيقية وراء الحرب على شركة "هواوي" لا يمكن معرفتها لحد الآن، لكن هناك بعض التكهنات والإشارات التي تبرر هذه الحرب، بحيث أن تقنية الجيل الخامس الخاصة بـ"هواوي" هي الأحسن والأقوى في العالم لحد اللحظة، وهو الأمر الذي سيفوت على الشركات الأمريكية الرائدة في مجال الاتصال مشاريع ضخمة مستقبلا، ستكون حكرا على شركة "هواوي" التابعة للحكومة الصينية، ما يعني أن المليارات من الدولارات والآلاف من مناصب الشغل ستضيع من الأمريكيين لصالح الصين، وهو ما سيؤجج الصراع الاقتصادي بين الدولتين.
وأكد الخبير المعلوماتي ذاته على أن الحرب على هواتف "هواوي" ليس هو بيت القصيد، ولكن ترامب يسعى من خلال هذه الضغوطات والعقوبات إلى التأثير على شركة "هواوي" من حيث سوق شبكة الجيل الخامس "5G"، والتي تعتبر محركا هاما في الاقتصاد العالمي الجديد والثورة التكنولوجية الجديدة التي ستكون "5G" عاملا مهما فيها، مع العلم أن شبكة الجيل الخامس ستكون الأرضية الأساس لتنزيل ما يعرف ب "إنترنيت الأشياء".