فنيوزويك التي توقفت مع بداية 2013 ليست مؤسسة إعلامية بسيطة، بل أيقونة أمريكية تأسست في 1933 واستمرت في العطاء 80 سنة.
الحدث الثاني هو بيع مدونة “هاف بوست” لمالكته الصحافية الأمريكية أريانا هافنتون من طرف مجموع “أي أو إل” ب 300 مليون دولار، بعد أن أطلقتها في ماي 2005 رفقة كينيث ليرر.
هذان الحدثان يبينان أن عجلة التاريخ تتسارع بالنسبة إلى الصحافة الورقية التي أصبحت تنعت ب”الكلاسيكية” أو “التقليدية” مقابل إعلام رقمي حديث.
إن ثورة الإعلام الرقمي وكل التغييرات التي يحدثها اليوم ليست ثورة تكنولوجية فحسب بل هي أساسا انتقام للقارئ ضد الصحافة التقليدية التي كانت تفرض عليه المادة الصحافية، وطريقة تناولها، وكيفية التعامل معها، وتحديد الحجم لعها، وترتيبها في الزمن والمكان، في حين أنه ومع الوسائط الجديدة (كمبيوتر شخصي، هاتف محمول، كمبيوتر لوحي...) غدى القارئ المتلقي سيد الموقف والمقرر الأول والأخير، يحدد أولوياته وطريقة تعامله مع المادة الصحافية كيفما أراد وأينما أراد ومتى أراد.النهاية وشيكة، إذن، والتطور المتسارع لا يرحم ولابد من خلق إعلام رقمي حقيقي. حتى الاحصاءات المتوفرة تؤكد بدورها تطور تقاليد الإعلام لدى المغاربة آخرها البحث الذي أنجزه معهد البحوث واستطلاعات الرأي Averty Market Research & Intelligence على الإنترنت الذي أجري على عينة من 1021 خلال شهري أكتوبر ونونبر 2012، بشراكة مع مجمع المغرب الرقمي Numeric Cluster Maroc حول استعمال الإنترنت والشبكات الاجتماعية بالمغرب، وهي الأرقام نفسها التي يعتمد عليها الكتاب الأبيض لتأهيل الصحافة الالكترونية، وخلص إلى أن توظبف الانترنيت لدى المغربة يكون بدرجة أولى من أجل التواصل عبر البريد الإلكتروني بنسبة 66 في المائة، وفي موقع ثان قريب جدا من الأول تستخدم من أجل الإخبار (الإعلام) بنسبة 62 في المائة، ثم بعد ذلك تستعمل لأغراض مهنية (45 في المائة)، وللتواصل مع الأقارب (40 في المائة)، والشراء والتسوق عبر الشبكة العنكبوتية (7 في المائة). كما أنه بالنسبة للشبكات الاجتماعية التي تحتل المرتبة الأولى من حيث الاستعمال، فإن الدافع الأول المعبر عنه للولوج إليها يظل هو الرغبة في الاطلاع على الأخبار.
لم يعد الوقت يسمح اليوم لا بالتباكي على عصر ذهبي للصحافة، لم نعرفه، ولا التصدي والوقوف في وجه التطور لأن الثورة الرقمية ستسحق حتما كل من يقف في طريقها. فالتحدي الحقيقي اليوم هو خلق ثم تطوير هذا القطاع حتى يستفيد من مكتسبات ضامرة لسنوات عجاف للصحافة الورقية، وفي الآن ذاته استثمار ما يجود به التطور التكنولوجي. لكن تبقى “الصحافة” بمبادئها الكبرى أول وآخر ما يجب التشبث به. ومهما خسرت الصحافة الورقية التقليدية لابد أن تكون “الصحافة” بخصائصها وقيمها الكبرى هي الرابح الأكبر من التطور الحتمي للأمور.