إذ قامت بعض المواقع، خصوصا “الجهوية”، بنشر أنباء عن سقوط قتلى في الاحداث إضافة إلى العديد من المعطيات التي تبت في وقت لاحق أنها زائفة ومجانبة للصواب، إلا أن خطرها الحقيقي يكمن في نشر الفتنة وتأجيج حنق المتظاهرين الذي كان من الممكن أن يقود المدينة ومحيطها إلى جحيم لا ينتهي.
وبعد رد فعل عنيف تجاه "تجاوزها" الحدود، هدأت الحكومة من روعها و"بردت أعصابها" لتنتقل إلى مستوى آخر من النقاش إذ خرج وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، للقول إن الوزارة تعتزم "إعداد برامج لإدماج الصحافة الإلكترونية في إستراتيجية المغرب الرقمي".
وتستند استراتيجية المغرب الرقمي على جعل التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال قاطرة للتنمية وتمكين المغرب من ولوج الاقتصاد الرقمي العالمي، سيما من خلال تمكين المواطنين من الولوج إلى الإنترنت ذي الصبيب العالي وتشجيع الولوج إلى المعرفة.
إضافة إلى هذا بادر الوزير إلى استقبال ممثلين عن المواقع الاكترونية التي كان أغلبها جهويا واعزه الأهم هو أمني أكثر من الحاجة ل”تأهيل صحافة رقمية” لم تولد بعد.وتتوزع المواقع الإلكترونية المغربية بين صنف ذي بعد محلي محدد جغرافيا، وآخر يحاول تغطية الأحداث الوطنية والدولية أيضا من خلال نظرة شاملة وكلية للأحداث.
ويقول عياد بلال، الباحث المغربي في علم الاجتماع، بهذا الخصوص، "بكل تأكيد شهد المغرب أخيرا تناسلا كبيرا لمواقع إلكترونية ومدونات خبرية عديدة، وهي مواقع يمكن تصنيفها ترابيا وجغرافيا كمواقع محلية جهوية، إذا أصبح لكل مدينة مغربية موقع إخباري، كما عرفت عدد من الجهات مواقع جهوية مثلما هو الحال بالنسبة إلى منطقة الريف. بشكل يجعلنا نتكلم عن مفهوم النسخ. فهي مواقع تكاد تكون متشابهة على مستوى الشكل، والتبويب والخلفية التوضيبية، كما تتشابه على مستوى الإستراتيجية التدبيرية للموقع، إذ أن أغلبها شخصي، وتفتقر إلى فريق عمل أو أعضاء تحرير، مثلها في ذلك مثل بعض الجرائد الجهوية والمحلية الورقية.
ويضيف بلال أن جل هذه المواقع تشكو من “الشخصنة” وانحرافها عن أخلاقيات الصحافة والإعلام، وهي أخلاقيات مدنية بالدرجة الأولى، ففي غياب تقنين للصحافة الالكترونية، وفي غياب مداخيل تضمن استقلالية هذه المواقع، إذا استثنينا بعض مداخيل الإشهار التي تضمنها شركة غوغل مثلا والمرتبطة بنقرات التردد الافتراضي، فإن أصحاب هذه المواقع يدخلون في إطار مساومات لوبيات توظف هذه المواقع لصالحها، وقد يكون هذا التوظيف سياسياً أو اقتصادياً. مما يشكك في مصداقية هذه الصحافة الناشئة.