وأشارت إحصائيات محركات البحث على موقع "غوغل" إلى أن فئة واسعة من المغاربة بدأت تبحث عن كيفية الولوج إلى هذه اللعبة الالكترونية، وهنا وجب إطلاق حملة واسعة للتحذير، كيف لا و"تحدي الحوت الأزرق" كان سببا في انتحار مئات المراهقين عبر العالم.
أصل اللعبة
رأت لعبة "الحوت الأزرق" الالكترونية النور في سنة 2013، حينما أقدم على اختراعها الشاب الروسي، فيليب بودكين، صاحب الـ 21 ربيعا آنذاك، والذي كان يستهدف المراهقين المنحصرة أعمارهم مابين 12 و16 سنة، يقوم بدعوتهم إلى موقع "vk.com"، ثم يستدرجهم إلى الاشتراك في اللعبة الخطيرة.
ومباشرة بعد إقبال المراهق على الموقع المذكور، يتوجه نحو النقر على الزر المؤدي إلى الاشتراك في "تحدي الحوت الأزرق"، فتراسله إدارة اللعبة، تخبره بأن التحدي له شرطان، الأول هو أن اللعبة لا تقبل الانسحاب بمجرد البدء فيها، أما الشرط الثاني، فهو ضرورة قيام الراغب في اللعب بنقش عبارة "F57"، أو "لوغو الحوت الأزرق" على ذراعه أو ساقه بواسطة سكين أو أي آلة حادة، ومن ثم إرسال صورة إلى الموقع كدليل على أن المهمة الأولى قد أنجزت.
وعند قبول المراهقة أو المراهق الراغب في اجتياز "تحدي الحوت الأزرق"، تبدأ المهام الـ 50 للعبة، فتكون الأولى هي استيقاظ المشارك في الساعة الرابعة وعشرين دقيقة فجرا، والجلوس أمام الحاسوب لتلقي رسالة تحمل موسيقى حزينة، يستمع إليها المشارك فيدخل في حالة نفسية جد كئيبة، تجعله يكره وجوده في الحياة.
اللعبة الخطيرة لا تنحصر على هذه المهمة القاسية فحسب، بل تستمر في أمر المشاركين بالقيام بالمهام الواحدة تلو الأخرى، من بينها مشاهدة عدد كبير من أفلام الرعب، ثم الصعود إلى شرفة عالية أو سطح عمارة أو جسر من أجل التعود على المرتفعات وتجاوز الخوف، وكل ذلك دون إخبار أي شخص، وإن رغبت المراهقة أو المراهق في الانسحاب من اللعبة، يتم تهديدهم بنشر صورهم المسحوبة من أجهزتهم أو قتل أحد أفراد عائلاتهم، ومن المؤكد هنا أن الأطفال حتما سيصدقون ذلك، وسيستمرو في اللعب، تضحية منهم من أجل الحفاظ على بقاء أهلهم.
ومع توالي مهام "تحدي الحوت الأزرق"، يصل اليوم الـ 50 للعبة، الذي تكون فيه المهمة الأخيرة، وهو الصعود إلى مكان جد مرتفع، غالبا ما يكون سطح أو شرفة، ثم الارتماء منه دون أي تردد، فينتهي بذلك التحدي، وتنتهي حياة المشاركة أو المشارك.
خطر يطرق باب المغرب
صحيح أن العديد من المغاربة لم يسبق لهم أن سمعوا بهذه اللعبة الخطيرة على حياة أبنائهم، فحين يسمع الشخص كلمة "الحوت الأزرق" يظن أنها لعبة مطاطية أو بلاستيكية، أو يذهب ذهنه إلى تخيل "الحوت الأزرق" الحقيقي، المعروف بكونه أليف، لا يعتدي على أحد، ولا يرد على من اعتدى عليه، بيد أن حقيقة الأمر، هي أن هذه اللعبة باتت سبب موت عدد لا يحصى ولا يعد من المراهقين.
وحول موضوع "تحدي الحوت الأزرق" والخوف من وصوله إلى المراهقين المغاربة، قال أستاذ علم النفس الاجتماعي محسن بنزاكور، في اتصال هاتفي بـLe360 ، إن على الأمهات والآباء المغاربة أن يوجهوا أبناءهم نحو الاستعمال السليم للشبكة العنكبوتية، من أجل تجاوز الوقوع في خطر المشاركة في الألعاب الالكترونية المشكلة للخطر على حياتهم.
وأضاف بنزاكور أن المشاركة في "تحدي الحوت الأزرق" يكون لها واحد من هذين الدافعين، إما الرغبة في الاكتشاف والتحدي، التي تجعل المراهق مهيئا للذهاب إلى أبعد حد من الخطر خلال أطوار اللعبة الالكترونية، فيجد نفسه متعايشا مع التحدي الافتراضي، ويعتبره جزءا من حياته الواقعية، وبالتالي يكون ذلك بمثابة سقوط المشارك في المرض النفسي، وهنا يشير بنزاكور إلى أن التحدي المؤدي إلى الموت هو مجرد مرض، كون التحدي الحقيقي هو الرغبة والبحث عن التطور الاجتماعي والاقتصادي، وليس دفع النفاس إلى الهلاك.
أما الدافع الآخر للولوج إلى "تحدي الحوت الأزرق"، يقول بنزاكور، إنه يختلف تماما عن الأول المذكور، فهو الرغبة المسبقة في الانتحار، وتتكون هذه الرغبة لدى فئة من المراهقين بسبب إما عدم إيجادهم للاهتمام داخل أوساطهم الأسرية، أو عدم قدرتهم على الفعل، وغالبا ما يكون أفراد هذه الفئة يرون أن الحياة مكونة من عدم وعجز، وبإمكان إدارة لعبة "تحدي الحوت الأزرق" أن تدفعهم إلى إنهاء حياتهم بتحريض بسيط، كون هؤلاء المراهقين مهيؤون أصلا للموت، وبالتالي يكون مرورهم من الرغبة إلى الفعل أمر سهل للغاية.
لماذا الحوت الأزرق؟
اختيار عبارة "الحوت الأزرق" وإطلاقها على هذه اللعبة راجع بالأساس إلى طبيعة الحيثان الزرقاء، المعروفة بالانتحار، فهي تسبح جماعة أو فرادى إلى الشاطىء، وتعلق هناك وتموت إذا لم يحاول أحد الموجودين من البشر إرجاعها مجدداً إلى المياه. والرابط هنا هو محاولة إيذاء النفس ووضعها في موقف لا يمكن التراجع عنه.
وتجدر الإشارة إلى أن مخترع "تحدي الحوت الأزرق"، فيليب بودكين، محكوم عليه حاليا بالسجن، وذلك بتهمة تحريض عدد كبير من المراهقين على الانتحار، كما سبق له أن اعترف بجرائمه، معللا إياها برغبته في تنظيف المجتمع من ما سماه بـ "النفايات البيولوجية التي ستؤذي المجتمع لاحقا"، ورغم أن بودكين يتواجد الآن داخل زنزانته، إلا أن خطر لعبته على المراهقات والمراهقين يتمدد يوما بعد آخرا.