اختبارات PCR: ندرة مصطنعة وجشع المختبرات وتنظيم متأخر للأسعار

خالد أيت الطالب

خالد أيت الطالب . DR

في 24/09/2021 على الساعة 13:00

تم إجراء 8.6 مليون اختبار PCR في المغرب، في الوقت الذي كان فيه هذا السوق، الذي يقدر بنحو 6 ملايير درهم، محتكرا من قبل فئة قليلة. إن انفتاح القطاع وتنظيم الأسعار جاء متأخرا جدا بسبب القيود التي فرضها وزير الصحة.

تحولت التراخيص لإجراء اختبارات PCR إلى موجة جديدة من "الكريمات" في حقبة ما بعد فيروس كورونا. ويشكل تدبير هذه العملية والأسعار المطبقة على هذه الاختبارات أحد المؤشرات على عدم كفاءة وزير الصحة خالد آيت الطالب الذي لم يتمكن من متابعة الاضطرابات في السوق الطبي، بعد الأزمة التي سببها وباء كوفيد-19.

ولازال الوزير الذي يستعد لمغادرة منصبه مع نهاية الولاية التشريعية الحالية، موضوع تحقيق برلماني بشأن الاختلالات التي شابت بعض الصفقات العمومية الممنوحة على عجل بعد إعلان حالة الطوارئ. وقد انتقده مجلس المنافسة لتدبيره لملف الاختبارات.

وهكذا، فإن خلاصات الرأي الذي أصدرته مؤخرا هذه المؤسسة الدستورية تعطي فكرة عن حجم الهدر: "فالندرة المصطنعة في العرض" على مستوى اختبارات الكشف عن فيروس كورونا نتجت عن التدبير الكارثي لوزارة الصحة، بينما الطلب "استمر في الارتفاع (...) والأمر التي أدى إلى اختلالات في اختبارات الكشف عن كوفيد-19"، بحسب ما ورد في رأي المجلس الذي يرأسه منذ مارس الماضي أحمد رحو. وأشار المجلس في رأيه عدد 02/ ر/ 2021 إلى أن "أسعار كشوفات كوفيد-19 لم تعرف انخفاضا منذ بداية الوباء، رغم تطور العرض في السوق وانخفاض التكاليف على المستويين الوطني والدولي".

وقد صدر هذا الرأي من قبل مجلس المنافسة بعد الطلب الوارد على المجلس من طرف وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة في شهر غشت الماضي بشأن أسعار اختبارات PCR التي حددتها الوزارة، وهي الأسعار التي يجب أن تحظى بقوة القانون بموافقة مجلس المنافسة. وهكذا تم توجيه الطلب إلى هذه المؤسسة في 31 غشت الماضي، وكان عليها إصدار رأيها في غضون فترة زمنية قصيرة، لأن الأمر يتعلق بحالة طارئة. ومع ذلك، كشفت الدراسة، التي أجريت في أقل من أسبوع، عن حقائق مهمة.

سنة واحدة لتحديد الأسعار للعموم

نشأ هذا الوضع الاحتكاري نتيجة القيود والمتطلبات المتشددة التي فرضتها وزارة الصحة، والتي سمحت للمختبرات البيولوجية بالاستفادة من هامش ربح يمكن تقديره بملياري درهم. وهكذا، فإن 8.6 مليون اختبار PCR الذي تم إجراؤه منذ تفشي الوباء (حتى 20 شتنبر) كلف في المتوسط حوالي 700 درهم، أي رقم معاملات يقدر بـ6 مليارات درهم. السعر المفترض هذا ليس اعتباطيا: فهو يتوافق مع السعر المقدر من قبل مجلس المنافسة الذي يؤكد أنه يمثل "زيادة بنسبة 35.7 ٪ من السعر المرجعي المتفاوض بشأنها".

وقد بذلت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي وصناديق الحماية الاجتماعية (الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (المعروف اختصارا بالكنوبس) والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) جهودا كبيرة بتنسيق مع مهنيي القطاع من أجل تحديد السعر المرجعي الوطني.

وبناء على هذا السعر المرجعي يتم تعويض المصاريف والتكاليف المتعلقة باختبارات الكشف عن كوفيد-19، لفائدة المؤمن لهم المنخرطين في نظام التغطية الصحية الإجبارية. وقد أسفرت عملية التفاوض يوم 28 أكتوبر 2020 عن اتفاق لخفض سعر اختبارات الكشف عن الفيروس في القطاع الخاص من 750 إلى 450 درهم. غير أن تطبيق الاتفاق "عرف تعثرا في تنزيله إداريا إلى حد الآن"، بحسب ما أكده مجلس المنافسة.

وأوضح لنا مصدر الكنوبس أن "الوضعية الوبائية وقيود السفر جعلت هذه الاختبارات ضرورية، لذلك وجدت المختبرات القليلة المرخص لها نفسها في موقع قوة خلال هذه المفاوضات". واضاف المصدر ذاته قائلا: "لم نحصل على دعم كاف من وزارة الصحة للتخفيض من هذا السعر المرجعي، بينما كان بإمكان الحكومة أن تكون حازمة وأن تنظم هذه الأسعار في وقت سابق كما فعلت بشأن أسعار المظهرات الكحوليّة".

حتى لو كان الأمر يتعلق فقط بالمستفيدين من نظام التغطية الصحية الإجبارية، فقد يكون هذا السعر المرجعي بمثابة مؤشر للمختبرات الخاصة لمواءمة أسعارها للعموم. إن عدم تطبيقه على الأقل "ساهم في الحفاظ على المستوى المرتفع للأسعار التي تطبقها المختبرات الخاصة"، كما ساهم "في الإضرار بالقدرة الشرائية للمستهلكين"، وبالتالي نتج عن ذلك تكاليف إضافية بالنسبة للشركات "مما يؤثر على قدرتها التنافسية"، ناهيك عن أن "ارتفاع أسعار الكشوفات حرمت فئة عريضة من المستهلكين من الولوج إلى هذه الخدمات"، بحسب الرأي الذي أصدره مجلس المنافسة.

قيود تنظيمية غير متناسقة

إن الولوج إلى سوق اختبارات الكشف عن كوفيد-19، خلال الأسابيع العشرة الأولى من الوباء، ظل محصورا في المختبرات العمومية. لم يتم السماح لمختبرات التحاليل الطبية الخاصة بإجراء الفحص حتى 4 يونيو 2020، وفقا لدفتر تحملات مفصل وضعته وزارة الصحة. لقد تم وضع متطلبات تقنية ولوجستية وبشرية المطلوبة متشددة جدا وغير متناسبة.

ويتساءل أحد العارفين بهذا القطاع قائلا: "لماذا نضع قيودا على المختبرات المعتمدة، مثل وجود مدخل ومخرج منفصلين، عندما ينتظر الأشخاص في جميع أنحاء العالم الراغبين في إجراء الاختبار في غرف الانتظار العادية. قمة التناقض هي أنه بعد تشخيص إصابته بالإيجابية، يتم إرسال المريض لإجراء فحص بالأشعة للصدر ولا توجد أي إجراءات وقائية محددة من أجل الحؤول دون انتشار الوباء؟".

أما أحد المالكين لمختبر طبي فقد أكد أنه "كان علينا تحمل العديد من زيارات اللجان التي استمرت لساعات قبل أن نحصل على الاعتماد. لولا الاستثمارات التي قمت بها بالفعل، لكنت تخليت عن الأمر"، مشيرا إلى أنه صرف 500 ألف درهم على المعدات اللازمة لهذا النوع من الاختبارات.

سوق مغلق

ونتج عن هذه القيود، التي تعتبر غير متناسبة، استبعاد عدد كبير من المختبرات الخاصة من هذا السوق. وهكذا، بين يونيو وشتنبر 2020، تم الترخيص لعشرات المختبرات فقط، أي بالكاد 1.6 ٪ من إجمالي مختبرات التحاليل الطبية الخاصة.

وسيرتفع هذا الرقم بشكل خجول، حتى بعد 12 شتنبر 2020، عندما تمت مراجعة النسخة الأولية من دفتر التحملات وتعديله، بموجب دورية جديدة من وزير الصحة. بعد عام واحد فقط، أي في 23 غشت، أدت مراجعة أخرى للمتطلبات إلى فتح السوق بشكل أكبر. ومنذ ذلك التاريخ، كان هناك حوالي 171 مختبرا مرخصا، وهو رقم يمثل 28 ٪ من عدد المختبرات في المملكة.

وفي هذا الصدد أكد مجلس المنافسة: "يبدو واضحا أن الطلب المتزايد على اختبارات الكشف عن كوفيد-19، بسبب الزيادة المستمرة في الحالات المسجلة للأشخاص المصابين، لم يرافقه توسع كاف ومستدام في العرض".

© Copyright : © Copyright : Adil Gadrouz /le360

بعبارة أخرى، لم تسمح القيود المفروضة في تعبئة جميع القدرات والإمكانيات المتاحة لمختبرات التحاليل الطبية الخاصة. كما لم تسمح في أن يكون السوق تنافسيا.

وقد أدت الندرة المصطنعة إلى زيادة الأسعار التي تفرضها المختبرات الخاصة، أو على الأقل عدم انخفاضها، على الرغم من انخفاض أسعار المدخلات، ولا سيما الكواشف والمواد المستهلكة على وجه الخصوص، بالإضافة إلى الانخفاض التكلفة الناتجة عن استهلاك قيمة المعدات. واليوم يؤكدون أن هوامش ربحهم كانت مهمة. ومع ذلك، سيتعين عليهم تطبيق سعر اختبارات الكشف عن كوفيد-19، المحدد من الآن فصاعدا في 400 درهم.

تحرير من طرف فهد
في 24/09/2021 على الساعة 13:00