الإقلاع الاقتصادي: مؤشرات متعددة تبعث على التفاؤل

DR

في 23/05/2021 على الساعة 15:04

موسم فلاحي جيد، ومصانع تعمل بكامل طاقتها تقريبا، ومستثمرون متفائلون جدا... هذه كلها علامات تؤشر على تحسن النشاط الاقتصادي الوطني في الأشهر المقبلة. ومع ذلك، هناك عنصر سلبي يهم قطاع السياحة الذي مازالت الرؤية غير واضحة بشأنه.

يبدو أن نوعا من التفاؤل أصبح يجتاح الاقتصاد الوطني، بعد التقدم الكبير الحاصل في حملة التلقيح الوطنية في الأسابيع الأخيرة، وإلغاء بعض الإجراءات الاحترازية من قبل الحكومة. حقيقة أن التعافي الكامل، بعد 15 شهرا من بدء الأزمة الصحية، لم يتحقق بعد، لكن العلامات المشجعة تشير إلى أنه ليس بعيدا جدا.

تشير أحدث المعطيات الماكرواقتصادية في آخر مذكرة حول الظرفية الصادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية إلى تحسن حقيقي في قطاعات كبيرة من النشاط الاقتصادي الوطني. وكتبت المديرية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية: "يظهر تقييم الظرفية الاقتصادية وضعا اقتصاديا يندرج في سياق دينامية إقلاع مؤكد".

انتعاش قطاعات الزراعة والصناعة والبناء، أما السياحة فهي في أزمة

الموسم الفلاحي الملائم يؤكد هذه التوقعات، لاسيما مع إنتاج جيد جدا من الحبوب قد يبلغ 98 مليون قنطار، بزيادة 54,8 في المائة عن متوسط السنوات الخمس الماضية و206 في المائة مقارنة بالموسم الفلاحي السابق. ويعتبر الموسم الفلاحي الحالي من بين أفضل المواسم في السنوات العشر الماضية.

القطاع الثانوي هو الآخر يعرف انتعاشا في الربع الأول من عام 2021، بسبب النتائج المحققة في قطاع المعادن، حيث ارتفع إنتاج الفوسفاط على وجه الخصوص بـ+6,6 في المائة في نهاية مارس، بالإضافة إلى انتعاش قطاع البناء. فارتفاع مبيعات الإسمنت هو مقياس حقيقي لمستوى النشاط في هذا القطاع، إذ ارتفعت بشكل ملحوظ بنسبة 19,5 في المائة في نهاية أبريل.

بالنسبة لأنشطة التصنيع، تظهر المؤشرات أيضا نوعا من التحسن. فقد ارتفع معدل استخدام الطاقة الإنتاجية بـ5,3 نقاط في الربع الأول من عام 2021، ليصل إلى 71,7 في المائة، وهو نفس المستوى تقريبا الذي كان مسجلا قبل الأزمة. وتجدر الإشارة إلى أن معدل استخدام الطاقة الإنتاجية هو مؤشر رئيسي لقياس فعالية النشاط الإنتاجي، والذي يقيس الكثافة التي تستخدم بها الصناعات طاقتها الإنتاجية.

في الوقت نفسه، يبدو أن الصادرات الصناعية من بعض القطاعات الرئيسية قد استعادت سرعتها خلال الربع الأول من عام 2021: +38 في المائة للسيارات، +25 في المائة لمشتقات الفوسفاط، +21 في المائة للإلكترونيات والكهرباء. من ناحية أخرى، بالنسبة لأنشطة القطاع الثالث، ولاسيما السياحة، فإنه ما زال يعيش في أزمة ولم يعرف بعد انتعاشا.

بعد تسجيل تراجع في الفصل الرابع من عام 2020، ازداد تراجع عائدات السياحة في الربع الأول من عام 2021، مسجلا انخفاضا بنسبة 69,1 في المائة، أي بخسارة 11,9 مليار درهم. وعلى الرغم من التحسن في الحالة الوبائية في المغرب والدول الشريكة الرئيسية، فإن مهنيو السياحة لم تتضح الصورة لهم بعد، أما الموسم السياحي في فصل الصيف فيبدو أنه مهدد بالفعل.

في البورصة، يستبق المستثمرون الانتعاش

غير أنه بشكل عام، فإن التفاؤل هو سيد الموقف بالنسبة للأشهر القادمة. وهذا الشعور يمكن قراءته في سلوك المستثمرين في البورصة الذين تبدو معنوياتهم جيدة. منذ عدة أسابيع، ركزوا بشدة على الشراء في سوق الأسهم، وساد اللون الأخضر عمليات البورصة. واليوم، وصل مؤشر مازي، وهو المؤشر الرئيسي لبورصة الدار البيضاء، إلى أكثر من 12142 نقطة بارتفاع 7.23 في المائة منذ بداية العام.

وعلق فريد مزوار، مدير شركة "FL Markets"، في اتصال مع Le360، قائلا: "يبدو أن الأخبار السيئة لعام 2020 قد أصبحت وراءنا، خاصة مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو -7 في المائة وانخفاض كتلة الأرباح بنسبة -31 في المائة".

ووفقا للمتحدث ذاته، يبدو أن توقعات عام 2021 هي التي ساهمت في ارتفاع مؤشر مازي. وهكذا أشار إلى أن الاقتصاد الوطني كان سيتعافى بالفعل بنسبة 0,7 في المائة في الربع الأول من عام 2021، بعد أربعة فصول من التراجعات المتتالية، مذكرا أنه من المتوقع أن يرتفع النشاط الاقتصادي خلال الربع الثاني من عام 2021 بنسبة 14,7 في المائة.

ويبدو أن هناك دافعين اثنين يغذيان الارتفاع في سوق الأسهم، وفقا لفريد مزوار: من ناحية، استمرار انخفاض أسعار الفائدة التي تدفع المستثمرين (المدخرون والمؤسسات) إلى البحث عن عوائد أفضل في سوق الأسهم، ومن ناحية أخرى الموسم الفلاحي الجيد. وقال "ينبغي ألا يتم إغفال هذا العامل الأخير، لأن المحصول الزراعي الجيد له تأثير إيجابي غير مباشر على حوالي 50 في المائة من الأسر المغربية التي تعيش بشكل مباشر أو غير مباشر من مداخيل الزراعة". بالإضافة إلى ذلك، يضيف المتحدث، "النتائج الفصلية الأولى الجيدة للبنوك، وكذلك الأرقام الإيجابية في قطاعي السيارات والأسمنت، وهي كلها محفزات إيجابية".

يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الاتجاه التصاعدي يمكن أن يستمر. بالنسبة لخبيرنا "سيكون من الضروري متابعة الإعلانات الفصلية وتأكيد الاتجاه الجيد على مستوى القطاعات المختلفة". غير أنه أضاف قائلا: "إن مواصلة حملة التقليح بشكل جيد وبالتالي تخفيف الإجراءات الإحترازية هو مؤشر نوعي جيد". كما أوضح أن "تفعيل جزء عدالة من خطة الإنعاش العمومي (أي الانطلاق الفعلي لصندوق محمد السادس للاستثمار بمبلغ قيمته 45 مليار درهم، والذي سيعلن عن إطلاقه قريبا)، يشكل، إذا لزم الأمر، عنصرا جيدا للأداء الجيد لسوق الأسهم".

وتجدر الإشارة إلى أن تطور الوضعية على المستوى العالمي هو أيضا يبعث على التفاؤل. وتؤكد مديرية الدراسات والتوقعات المالية "أن التطورات المشجعة بشكل عام في الاقتصاد الوطني تدعمها التوقعات الإيجابية التي يتم الإعلان عنها على المستوى العالمي". وهكذا، من المتوقع حدوث انتعاش اقتصادي في منطقة اليورو، الشريك التجاري الرئيسي للمغرب، اعتبارا من النصف الثاني من عام 2021، بعد الرفع التدريجي للإجراءات الاحترازية الصحية. بعبارة أخرى، يبدو أن كل العوامل متوافرة لكي يستعيد الاقتصاد المغربي عافيته.

تحرير من طرف أمين القادري
في 23/05/2021 على الساعة 15:04