يرصد الكتاب تاريخ مدينة تازة لكنّه يركز بشكل أساس على باديتها، مُبرزاً الدور الذي لعبه هذا الفضاء في تاريخ المدينة، خاصة وأن الكتاب يقدّم نموذجاً من الكتابة التاريخية الذي يندرج ضمن مونوغرافيات البحث التاريخي والتي تُعنى بتوثيق تفاصيل صغيرة، لكنْ هذه التفاصيل على صغرها تلعب دوراً بارزاً في كتابة تاريخ للمدينة أكثر وعياً بتحوّلات الاجتماعية التي طالت البادية وناسها. ويحرص هذا النمط من الكتابة التاريخيّة على تقديم سردية تاريخية مفصلة عن الموضوع ومحاولة البحث عن مصادر جديدة تُسعف الباحث على كتابة تاريخ محلي جديد لمدينة تازة، بعيداً عن التاريخ الرسمي المتوفر في المكتبات.
يقول محمد الوردي عن الكتاب بأنه يضع «الباحثات – المهتمات بتاريخ تازة في صلب الإشكالات المرتبطة عادة بالتأريخ للمدينة المغربية وباديتها، بحمولتها الحضرية – الحضارية المتداخلة، ويرمي إلى توفير المعرفة التاريخية عن تازة عبر تاريخها الغميس، من وجهة نظر نسائية محضة، تُؤسس لمشروع كتابة تاريخية-نسائية عن المنطقة تحمل بين ثناياها فوق المعنى معانيَ ومبانيَ، وترصد جوانب من التحولات التي مرت منها المنطقة، وأثرت في ساكنتها من البداية إلى «الحماية» (الفرنسية)، اعتمادا على مصادر مستمدة من مظان ومتون متنوعة (أرشيفات تاريخية، وثائق محلية، صحف».
إنها في نظره «محاولة للإجابة عن الأسئلة المركزية والفرعية الآتية: ما هي أبرز قضايا تاريخ تازة التي تناولتها الباحثات في الاستكتاب وأغفلتها الأبحاث التاريخية الحديثة أو قصرت في تناولها؟ وهل يمكن اعتبارها لبنة من لبنات مشروع إعادة كتابة تاريخ المنطقة في شموليته وتجديد مناهجه؟ وما حدود إغنائها للمناقشات الدائرة -أو الغائبة- داخل حقل تاريخ الحاضرة التازية وبواديها وفي إطار النقاش التاريخي الأكاديمي المغربي العام؟ وإلى أي مدى يمكن للقضايا المثارة في الكتاب (سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية وتراثية) تسليط الضوء على جزء مهم من تاريخ المنطقة الطويل والمنسي؟».
يضيف: «وعلى سبيل فتح أفق نقاش أرحب للبحث، كيف لتاريخ تازة أن يتوشح بزي المؤنث؟ وبأي منهج أرخت الباحثات لهذه المدينة وأحوازها وبأي أدوات؟ ووفق أي مقاربة؟ وإلى أي حد يصمد مفهوم “الكتابة التاريخية النسائية” عن تازة والمجتمع التازي أمام النقد البناء؟».




