يتحدث سكان إيحاحان إلى اليوم وبشكل شامل وبطلاقة باللغة الأمازيغية، تنويعة تشلحيت، وأسهمت المنطقة عبر التاريخ في صنع تاريخ المغرب. ولا يغيب اسم إيحاحان/ حاحا عن حقب تاريخ المغرب المختلفة بوصفهم مساهمين فعالين في تأسيس وبناء مختلف الدول التي تعاقبت على حكم المغرب، ومسهمين في أحداث وتفاصيل هذه الأرض التاريخية، وأعطت المنطقة النور لعشرات من الأسماء اللامعة تاريخيا وفي عالم السياسة والمال والأعمال والأدب والفن، وزودت الحركة الأمازيغية بأسماء من عيار حسن إدبلقاسم ومحمد أكوناض ومحمد أسوس وأحمد أمين.
كما تعد إيحاحان منبعا للأدباء والمفكرين، والمغذي الأول لموانئ المناطق الممتدة من الصويرة شمالا إلى الحدود المغربية الموريطانية جنوبا وقرى صياديها بالصيادين وقادة وربابنة المراكب وملاكها، فموانئ الصويرة وأگادير وإفني وطانطان والعيون وبوجدور والداخلة، ومختلف نقاط الصيد وقرى الصيد تشهد حضورا لافتا لأبناء إيحاحان، رجالات البحر بامتياز، بل إن مدنا كالوطية بطانطان والمرسى بالعيون وأمهيريز جنوب الداخلة توحي لزائرها وكأنه وسط سميمو أو تمنار، دون أن نغفل أن منطقة إيحاحان تعتبر إلى اليوم المصدر الأول لفناني الروايس سواء كتاب الكلمات والملحنين والمؤدين أو الموسيقيين عازفين وضابطي إيقاع.
إن الإحاطة بقبائل إيحاحان بالتدقيق من كل الجوانب يتطلب استدعاء حقول معرفية مختلفة ومتخصصين في مختلف المجالات، ولن تفي بضعة أسطر بذلك، ولا أتغيى من هذه المقالة إلا الرد على عبارة مسكوكة تتداول إلى اليوم وتستدعى كلما أثير اسم إيحاحان من قبل من يحاولون نفي أصالة أمازيغيتهم، والقولة منسوبة لأبي شعيب الدكالي حيث يقول: " سبحان الذي مزغ حاحا وعرب دكالة ».
فكيف لعاقل قريب من العلم أن يصدق أن إيحاحان كانوا يتحدثون بالعربية؟
ومتى كان ذلك؟
وما الذي يعضد هذا الطرح غير العلمي من الناحية العلمية؟
إن أول معطى يكذب الزعم لغة إيحاحان الأمازيغية القوية، وكونهم إلى اليوم من بين أكثر المناطق حفاظا على اللغة معجما وصرفا وتركيبا، ومن بين أكثر المناطق حفاظا على الموروث الشفاهي بأدق تفاصيله، أمثال وحكم وعبارات مسكوكة وألغاز وحكايات وشعر، ومن بين أكثر المناطق تشبتا بالحديث باللغة الأمازيغية، عكس مناطق اختار أهلها الحديث الإرادي بالدارجة، فضلا عن أن التاريخ لا يورد ذكر إيحاحان إلا بوصفهم أمازيغ، وأسماء مناطقهم الأمازيغية مئة بالمئة تعضد أن المنطقة أمازيغية منذ الأزل، وتسهم اليوم في إعادة الاعتبار للغة والثقافة والهوية الأمازيغية من خلال أبنائها الصادقين الذين تغذي بهم ساحة الفكر والنضال بدون كلل أو ملل.
إن أبناء المنطقة ونخبها مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى للتشمير عن سواعدهم للحفاظ على هوية المنطقة وثقافة أهلها الوسطيين المتسامحين مع الآخر، الكرماء الفاتحين بيوتهم أيا كانت الظروف للضيف، المعروفين بكرمهم وجودهم وطيبة قلوبهم، المبدعين الخلاقين، العمل بجد لحماية المنطقة من حملات المستلبين من أزلام القومية والوهابية، والذين تعتبر المنطقة الأرض التي تتكسر عليها مشاريعهم التفوقية العنصرية الهدامة والمقيتة.