فقد أصدرت الدار العمل الشعري الجديد « هواء بيننا » للشاعر والناقد محمد بنيس الذي يُعتبر أحد الأصوات الشعرية البارزة في المشهد الشعري. إذْ عملت الدار على الاحتفاء بقصيدة محمد بنيس من خلال هذا الإصدار الجديد. ذلك إن شعرية صاحب « شطحات لمنتصف النهار » مفتوحة على تحولات القصيدة المعاصرة، سواء عن طريق اللغة أو الأسلوب أو الإيقاع أو الصورة الشعرية. وعمل بنيس أكثر من مرة على كتابة قصيدة أشبه بالبياض وهي تحاول أنْ ترجّ السلالات وتضيء للقصيدة أفقاً بصرياً مختلفاً. ومنذ ديوانه الأوّل « ما قبل الكلام » استطاع بنيس أن يُلفت إليه أقلام النقاد والمتابعين للشأن الثقافي، انطلاقاً من الرهان التجديدي الذي قطعته القصيدة في سبيل البحث عن يتمها الشعري لتكون نصّاً مضمّخاً بالألوان والصُوَر والاستعارات.
إلى جانب الكتابة الشعرية التي حرص بنيس باستمرار على الغوص معالمها، لفتت كتاباته النقدية الدارسين في مجال الأدب فخصصوا لها العديد من الدراسات الأصيلة لتفكيك أنساقها المعرفية. وخصّص محمد بنيس مجمله كتاباته النقدية لدراسة الشعر المغربي، في وقتٍ كان فيه النقاد المغاربة يعملون على القصيدة المشرقية. ونتج عن هذه الحفريات المبكّرة الكثير من الجدل حول الشاعر بعدما طرح سؤالاً جوهريا: لماذا لا تُهاجر القصيدة المغربية إلى المشرق؟ ومن الأشياء التي وصل إليها أنّ القصيدة المغربية في ذلك الإبان عبارة عن قصيدة صدى وليس أثر.