إذا كان للكتاب من قيمة معرفية، فهي تكمن بالأساس في توفير لقراء اللغة العربية قراءة هذه الرواية وذلك من أجل إعادة التفكير في المشروع الروائي عند ألبر كامو، خاصّة وأنّ البحث المغربي تربطه علاقة كبيرة بهذا الكاتب الاستثنائي العبثي الذي يُحوّل لحظات إنسانية عادية إلى مشاهد أدبيّة مؤثرة في الذاكرة. تأتي قيمة كامو في كونه لم يكُن من أدباء المركز، أيْ الأدباء الذين ظلوا قريبون من السلطة الفرنسية والمشهد الثقافي الفرنسي البرجوازي، بقدر ما ظلّ الرجل يعيش على هامش هذه الثقافة، ساعياً انطلاقاً من كتاباته الروائية خلق جدل فكري دائم بين صفوف الأدباء. ولا شكّ أنّ روايته الشهيرة « الغريب » تركت أثراً كبيراً لدى القراء، بحكم القيمة الرمزية التي أتت بها هذه الرواية التي جعلته أحد أشهر الأدباء فرنسا، إذْ على الرغم من النقد اللاذع الذي يُوجّه لكامو من لدن الماركسية اللينينية، فإنّ مؤلفاته جعلته يحظى بتقدير كبير في صفوف النخبة الفرنسية آنذاك.
يتمتّع بلمبخوت بسمعة طيبة لدى المترجمين المغاربة، بوصفه أحد الأسماء الثقافية التي تحرص على ترجمة العديد من المؤلفات المنفلتة من قبضة التفكير اليومي. فالترجمة وإن كانت فعلاً ذاتياً وممارسة فردية بالمغرب، فإنّها تلعب دوراً حضارياً كبيراً وتُقرّب الصلة بين المثقفين على اختلاف مشاربهم الإبداعية وتوجهاتهم الفكرية. كما أنّ الترجمة نفسها تُقدّم صورة مختلف عن البلدان وثقافتها وآدابها وفنونها، بما يجعل الآخر يتطلع دائماً إلى القراءة والسفر صوب ثقافة الآخر.




