الندوة التي احتضنها فضاء « الإصدارات » برواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مساء أمس الجمعة، بحضور كل من المخرج المغربي سعد الشرايبي، وفدوى مروب، رئيسة جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان، تطرقت إلى إدماج ثقافة حقوق الانسان في المنتوج السينمائي المغربي، والتدابير الممكنة لضمان شمولية الحق في الولوج للسينما، كما سلطت الضوء على دور البيئة القانونية في المجال السينمائي لتعزيز المقاربة الحقوقية، ودور السينما في نشر القيم المؤسسة لثقافة حقوق الإنسان.
وأكد المشاركون في الندوة أن السينما ليست فقط وسيلة للتسلية والترفيه، بل تعد وسيلة قوية لنقل القيم الكونية لحقوق الإنسان، وتوثيق الذاكرة الجماعية للشعوب، وطرح قضايا المجتمع من زوايا نقدية وإنسانية.
وفي مداخلته خلال الندوة، أكد المخرج المغربي سعد الشرايبي أن العلاقة بين السينما وحقوق الإنسان هي علاقة جوهرية لا تقبل الفصل، موضحًا أن « السينما كأداة تعبيرية وحقوق الإنسان هما أخوان من نفس الطينة ». وأضاف الشرايبي أن التعبير الفني لا يمكن أن يوجد دون حرية التعبير، معتبراً أن « حينما أتوفر على الحرية، أتوفر على الحقوق، والمشكلة تبدأ عندما يُحرم الفنان من حريته في التعبير».
وأشار الشرايبي إلى وجود معيقات حقيقية يجب تسليط الضوء عليها، مبرزًا أن القطاع السينمائي أصبح منشغلًا أكثر بتدبير المساطر الإدارية بدل الإبداع الفني. وتوقف بحسرة أمام مستقبل السينما، قائلا: « لا أعتقد أن الغد مشرق. سننتقل من تعبير حر إلى تعبير مقنن، حيث سيتم تفادي مواضيع مثل الجنس والدين، مما سيقيد حرية المخرج وكاتب السيناريو».
من جهتها، أبرزت فدوى مروب، رئيسة جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان، أن الحديث عن سياسة تنموية للوطن يقتضي بالضرورة الحديث عن سياسة ثقافية واضحة. واعتبرت أن الانطلاق الحقيقي لأي سياسة ثقافية، خصوصًا في مجال السينما، يجب أن يقوم على ضمان حرية الإبداع.
واستدلت مروب بفيلم « نساء... ونساء » للمخرج سعد الشرايبي (1997)، الذي خلق نقاشًا مجتمعيًا واسعًا حول قضايا المرأة ومدونة الأسرة، مشددة على الدور الحيوي للسينما في طرح القضايا الاجتماعية الحساسة وتحريك النقاش العمومي.
وأجمع المشاركون على أن تحقيق شمولية الحق في الولوج إلى السينما يعد من صميم تعزيز العدالة الثقافية. وشددوا على ضرورة اتخاذ تدابير عملية تمكن الفئات الهشة وساكنة المناطق النائية من التمتع بحقها في الولوج إلى العروض السينمائية.
وفي هذا الإطار، نبهت فدوى مروب إلى أن العمل السينمائي المدعوم من المركز السينمائي المغربي يجب أن يكون متاحًا لجميع المواطنين دون استثناء، معتبرة أن « لا يعقل أن يتم دعم فيلم بالمال العام، ثم يحرم منه جزء من المغاربة بسبب التوزيع غير العادل».
