ويعد محمد البكري، أحد أبرز النقاد المغاربة المعروفين في المغرب. ذلك إنّ أعماله قوية البنيان وشامخة التشييد، بما يتيح لها التأثير في نصوص نقدية أخرى. وقد حرص البكري الذي كان أحد أعضاء مجلة «الثقافة الجديدة» على تقديم ترجمات أصيلة لكتابات بارت حتّى بات الرجل يُعرف بها هذا المفكر الفرنسي دون غيره. ونظراً إلى أصالة ترجمات البكري وقدرتها على التأثير، فإنّها لعبت دوراً طليعياً بالنسبة لعدد من الباحثين الذين يتوسلون عملية الترجمة لكتابة بحوثهم النقدية. ورغم الصعوبة الكبيرة التي تطبع مؤلفات بارت على مستوى القراءة والتفكير، فإنّ محمّد البكري، كان حريصاً أنْ ينقل أعمال هذا الناقد المفكّر إلى اللغة العربية، فكان تأثير كتابات بارث على الثقافة المغربية خلاقاً بشكل لا يتصوّر.
يقول البكري عن هذا الكتاب بأنه « نصوص حررها فلاسفة مهنيون ومفكرون كبار وعلماء لسان واجتماع ونقاد، من بينهم من جمع بين العلم والفكر أو الفلسفة والأدب وعلم المعرفة، تتوزعها وتجتذبها قضايا فلسفية صرفة وإشكالات فكرية رئيسة، إنْ في النظرية أو في المنهج أو عن الممارسة وبصدد الفعل البشري، من الاجتماع والنفس والسياسة والأخلاق وأسس المعرفة حتى نضالات الإنسان والشعوب. لكل نص منها في ذاته وموضوعه وطريقة علاجه واستنتاجاته بالمقارنة مع غيره ومع ما قد يبدو أنه ينافس من كتابات، أهميته الثابثة وقيمته الخالصة وميزته الفكرية التي يستعصي كر حبات الزمن الجاري بسرعة هادئة أو صاخبة، النيل من أغلبها، لا مبالغة، ربما في القول إن من بينها نصوصاً أحداثاً وعلامات فارقة في بابها، لجدّتها ولطول باعها في علاج موضوعاتها، وفرادة نسجها إبان طهورها ولوقعها العميق حين نشرها واستمرارية نجاعتها ».