يأتي هذا الكتاب التعليمي الهام ليُعيد طرح مفهوم جديد للسوسيولوجيا أمام الإبدالات المفاهيمية التي يعرفها باستمرار هذا المجال، سيما وأنّ هذا العلم الذي يدرس علاقة حالة الفرد داخل المجتمع يفرض على الباحث معرفة التطوّرات الفكرية التي تطال علم الاجتماع، سواء تعلّق الأمر بالشق النظريّ المُتعلّق أساساً بالنظريات والمفاهيم أو بالجانب التطبيقي الذي له صلة مباشرة بالميدان. من ثمّ، فإنّ عملية نقل نوربيرث إلياس إلى العربية بالغة الأهمية، خاصة وأنّ الأمر يتعلق بأحد علماء الاجتماع الذين أسسوا مشروعاً فكرياً بارزاً أصبح يُدرّس داخل الجامعات والمعاهد في فرنسا وغيرها.
يقول نوربيرث إلياس عن كتابه الجديد «لكي نفهم علم السوسيولوجيا وموضوعها، أي المجتمع، أن نتذكر الصراعات والمواجهات الاجتماعية، حتى في القرن التاسع عشر والعشرين ـ مرحلة التصنيع التي كانت عرضة لنزعة غير شخصية. حاليا انخرط الناس أكثر فأكثر في صراعات اجتماعية باسم بعض المبادئ غير الشخصية أو عناصر الإيمان العاطفي وليس باسم أشخاص معينين. وهذا ما يبدو لنا الآن واضحاً. ولذلك نحن لا ندرك كم هو مفاجئ وفريد أن يتوقف الناس بعد ذلك عن مواجهة بعضهم البعض باسم الأمراء الحاكمين أو الجنرالات والأديان ليفعلوا ذلك باسم بعض المبادئ غير الشخصية أو بدوافع الإيمان مثل المحافظة أو الشيوعية أو الاشتراكية والرأسمالية».




