ويرى بنكراد في كتابه هذا بأنّ « وجودنا في السرد أقوى من تفاصيلنا في حقيقة التاريخ، فما تبنيه الحكاية لا يمكن إلغاؤه أو التحكم في امتداداته. كل شيء يتم كما لو أن حياتنا مودعة في القصص قبل أن تتجسد في الحدث اليومي. لذلك قد تكون الحكاية هي الوسيلة المثلى، إن لم تكن الوحيدة لتسريب التجربة الفردية إلى ما راكمته الجماعة واحتفت به أو قاومته. وربما كانت هذه السردية ذاتها في الأساس الذي بُنيت عليه هوية الأوطان والأمم القديمة والحديث، وبُنيت عليه هوية الأفراد أيضاً ». بهذا المعنى يُحدّد لنا صاحب « تجليات الصورة.. سيميائيات الأنساق البصرية » في كون أنّ السرد هو بمثابة مختبر حقيقي لبلورة أفكار ومعتقدات، لأنّ بنيته الخطية تُعطي هذه الإمكانية العميقة لبلورة التجربة الإنسانية وتحويلها إلى أفكار وصُوَر باقية في متخيّل الناس.
ويعتبر المؤلف أنّ السرد هو الذي « استندت إليه حالات الوجود القُدسي نفسه، فلا يمكن للزمنية الدينية أن تصبح مرئية في الذاكرة والوجدان إلا من خلال استبطانها محكيات تستعيد ما عجز العلم عن تحديده بيقين مطلق أو نسبي. لذلك لا يختلف البحث عن البدايات في مجال السرد التخييلي عن الرغبة في تلمس البدايات الأولى للكون إلا في الظاهر. فبدايات السرد ليست سوى صورة مصغرة عن البدايات الكبرى في الوجود ».
هذا ويُعتبر سعيد بنكراد من أهم النقاد والأكاديميين الذين قدموا متناً نقدياً مغايراً داخل مجال الدراسات السيميائية في موضوعات تتعلّق بالسرد والمحكي والمعنى والصورة والنص. إلى جانب الترجمات الهامّة التي قدمها للعديد من الكتب مثل: «الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية» و«شبكات التواصل الاجتماعي» و«الكلمات والأشياء» و«أنا أوسيلفي إذن أنا موجود».