يرى بشاري أنّ « الواقع الإنساني اليوم يعيش حالة عن الاغتراب من المفاهيم وبخاصة في ظلّ الانغماس اللاواعي في معطيات تفوق ما توقعه يوماً، وبالتالي، فإنّ التذكير المستمر وتجديد القراءات للحرية هو تفعيل صريح لوظائفها وتوعية مستدامة للمجتمعات، إذْ لا يمكن إهمال المنظومة الفكرية المعنية بالتثقيف والإحاطة بحدود الحق والواجب والإلمام بالتداخلات والتوافقات مع الإرث الإنساني في مجال الحريات التي تؤدي مجتمعة لبناء اجتماعي متماسك وقوي ومتوازن وقادر على مواجهة تحدياته في تيار إنساني متحد الهوية الإنسانية، محتضن لزخم ثري من التنوعات الدينية والفكرية والسياسية، الأمر الذي يمكن أن يتحقق يتجاوز مرحلة الكبوة الدلالية والمفاهيمية والتحليلية، والانتقال لانفتاح فكري خلاق، مشبع بالوعي، فمرحباً بالحرية طالما هي محرّك الإبداع والنهضة وجد الاستيعاب الإنساني العديد من الأنماط والصور في محاولته فهم الحرية، حتّى بات يتمتّع بخصوصية حرياتية لا تختلف عن غيرها من الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والثقافية والدينية، ولم يتعد ذلك كونه أحد أوجه الإبداع الإلهي في تسخير الاختلاف بين البشر كثروة فريدة يقوم عليها التفاعل الإنساني والتعارف والتعايش ».
تأتي قيمة هذا الكتاب أنّه يعطي للحرية قيمتها ودلالتها كشرطٍ إنساني ضروري داخل المجتمعات للدخول في عمق الحداثة ومباهجها. ذلك إنّ الحرية تُعدّ شرطاً أساسياً بالنسبة للمجتمعات المعاصرة بغية العيش في أفق مجتمعي حداثي يعطي قيمة للأفراد وموقعها داخل المجتمع. ورغم وفرة المؤلفات الصادرة في هذا الشأن حول الحرية، إلاّ أنّ الكتاب يكتسب قيمته المعرفية بحكم السياق الذي يصدر فيه اليوم والذي عرفت فيه الحريات تحولات كبيرة.