ينتمي عبد الكريم الطبال إلى الجيل الأوّل من المشهد الشعري المغربي المعاصر. هذا الجيل الذي وضع القصيدة المغربية على حافة الجُرح. بعدما أصبح الكتابة الشعرية امتداداً عميقاً للواقع بكل ما يحمله من أهوال اجتماعية وأعطاب سياسية. إذْ لم يكُن من هذا الجيل إلاّ أنْ يُوازي في اشتغالاته بين هواجس الذات والتحول السياسي العميق الذي كان يعرفه الواقع آنذاك. وإنْ هذا الميسم الأخير بدا في كتابات الطبال وغيره، وكأنّه يُسيطر على نظام القصيدة. بحيث كان البعد الإيديولوجي يُظلّل سيرة الكتابة الشعرية ويرسم لها أفقاً سياسياً لا يخرج عن التطبيل للأحزاب ومؤسّساتها القمعية. وهذا الأمر، استمرّ فيه الجيل السبعيني، إذْ حاول مجموعة من الشعراء أنْ يجعلوا القصيدة وكأنّها ضربٌ من الإيديولوجيا بسبب تنامي التيار اليساري وتطلّعه الدائم إلى نوعٍ من الحداثة السياسية وأوجاعها.
تبلغ قيمة الجائزة التي فاز بها الطبال حوالي 500 ألف ريال سعودي عن مشروعه الشعري الرائد في تفكيك نظام القصيدة. ومنذ الإعلان الجائزة احتفى عدد من الكتاب والشعراء بسيرة عبد الكريم الطبال واعتبروا فوزه مُستحقاً أمام الاستسهال الذي بات يطبع القصيدة العربية المعاصرة. خاصّة وأنّ تجارب هذا الجيل بدت منسيّة داخل المدونة النقدية التي تغلب عليها الأجيال السبعينية والثمانينية والتسعينية. في حين تبق التجربة الستينية مغيّبة من الاهتمام النقدي. إذْ على الرغم من رحيل بعض رواد هذا الجيل والمرض الذي استبدّ ببعضهم، إلاّ السفر إلى الماضي من أجل قراءة وتأمّل هذا الريبرطوار الشعري، سيقود الناقد إلى البحث عن أشياء مذهلة بها يحتمي من فداحة التكرار.