ويشارك في الندوة فاتحة الطايب وجمال بندحمان وأحمد كوال وبوشعيب الساوري ونور الدين حنيف، بينما يُسير اللقاء عبد الرحمان بوطيب. يقول حليفي « لعلني أجد في الحديث عن دور الأدب - ومنه الرواية - مدخلاً ملائماً، ذلك أن الأدب حينما يصبح صوتاً جماعياً ووعياً حيّاً قادراً على خلق الاحتمالات المدهشة وسط كل الأعطاب يكون تأسيساً، وليس تكراراً، أو اجتراراً، ومن تمّ قدرته على تقديم الصور والتمثلات في صفائها وقوتها وجرأتها وذكائها، وهذا الأدب هو الذي يعمل على التأسيس لثقافة جديدة ومجتمع جديد ضد التكريس القاتل والجمود والاستسلام ».
يضيف قائلاً « وأعتقد أننا - اليوم أكثر من أي وقت مضى - في حاجة إلى هذا الأدب الذي يقوم بدوره الجمالي التثويري مخلخلاً المفاهيم والتصورات المترهلة في انسجام مع التطور الفكري والفني والاجتماعي، دور يجعل من حياتنا ذاكرة تكون حافزاً ملهماً لمبادرات خلاّقة ولهوية متفاعلة غير أسيرة أو مسيجة، فالذاكرة لا علاقة لها بالماضي، كما يُفهم في المعنى العائم، ولكنها زَخَم الحاضر الذي يصوغ ملامح المستقبل، والأدب / الرواية لا تنظر إلى الحياة بالتقسيم الكلاسيكي للتاريخ، وإنما بالزمن وصيرورته، لذلك إذا جاز لي من حديث عن تجربتي التي هي جزء من تجربة مشتركة مع أدباء ومثقفين مغاربة، فإنني أقول بأننا نكتبُ روايتنا بخيالنا الوحشيّ غير المنفصل عمّا نحياه أو ما نحلم به، وغير مفصول عن الصراع الذي ورثناه بعشق ونواصله ضد القبح والمحو لتحقيق وجودنا كما نريد لا كما يريدون لنا ».
ويعتبر صاحب « الرواية الفانتاستيكية » بأننا « نكتبُ ما نريد بالطريقة التي نريد، كأننا نركب فرساً في مَحْرك بلا نهاية، أو نسبح في نهر ترْفده السماء والأرض وهو مندفع إلى نهايات لا يديها، ولكنه شغوف ببلوغها. نكتبُ ولا ننتظر إشادة أو وساماً من باريس أو مدريد أو الرباط... يكفينا فقط شعورنا بعمق الانتماء إلى نفوسنا الجريحة وإلى الطمأنينة المصفّاة، فليس لدينا سوى خيالنا الذي يسير جنباً إلى جنبناً بلا حجاب، تحت الشمس الباقية لنا، يفتش - كلما لسعه لهيبها - داخل جيوبه بحثاً عن المجازات الساخنة، خيالنا الوحشيّ غير المروّض لا يتكيء على التاريخ، ولكنه يسبح في الحياة، لذلك فأنا لستُ مؤرخاً، ولا أحب أن أكون، فهي مهنة شريفة، من يُخلّ بها يسقط في الندامة والغرابة... وأنا أحب الغرابة وتقطيرها وغمس كلماتي داخلها ».