يعد خالد الأمين أحد الوجوه الهامة داخل مدونة النقد المسرحي في المغرب، ذلك إنّ كتاباته تعطي للقارئ حجم الإمكانات المذهلة التي يتمتّع بها خالد الأمين، باعتباره من الأسماء التي تكتب بوعي نقدي عالم، وهو نمطٌ من الكتابة الذي لن يتأتى إلاّ من خلال سياحة طويلة في الفكر البشري، تعطي للباحث إمكانية الكتابة وفق آلية مختلفة تقترب في تشكلاتها المعرفية إلى الفكر منه إلى النقد.
وهذا الأمر، جعل كتابات الأمين تحظى بمركزيتها داخل الخطاب المسرحي، لأنها مبنية على أساس علمي، يعطي فيها خالد الأمين مكانة للبعد المعرفي الذي به يحلل السياقات والمفاهيم والنظريات والنصوص والأداء ويجعلها تتواشج فيما بينها لتكوّن خليطاً معرفياً مركّباً له وقعه وأثره على وجدان المتلقي.
يقول الباحث هشام بن الهاشمي «ماذا يعني أن يضع الباحث مشروع حياته موضع تساؤل؟ هذا الكتاب هو إجابة عملية عن هذا السؤال، إنه ليس مجرّد مراحعات، بل هو تمرين في النقد الذاتي الديكولونيالي. فعل عودة شجاع إلى نصوص الأمس، لا لمحوها أو تثبيتها بل للإنصات إليها من جديد في ضوء أسئلة الحاضر. منذ كتابه المؤسس «الفن المسرحي وأسطورة الأصل» شيّد خالد الأمين صرحاً نقدياً لتفكيك الحالة الكولونيالية في المسرح.
واليوم يعود إلى هذا الصرح، لا بوصفه مهندساً يضيف طابقاً جديداً، بل كعالم آثار يحفر في طبقاته كاشفاً عن صلابته وتصدّعاته، ومظهراً كيف تطورت المفاهيم وانتقلت من المثقافة إلى التناسخ ومن الهوية الثابثة إلى الكيانات الهاربة».
يضيف الهاشمي «هذه المراجعات إذا حفرية مزدوجة: حفرية في مصفوفة السلطة التي كبّلت المسرح العربي في ثنائية المطابقة والاختلاف وحفرية موازية في أدوات النقد ذاتها، التي حاولت تفكيك هذه السلطة. إنها دعوة مفتوحة لتأسيس إيتيقا للمسرح العربي المعاصر. إيتيقا تقوم على الضيافة الكونية والتفكير العابر للحدود وتتخذ من الهامش مركزاً لإنتاج المعنى، فاتحة بذلك أفقاً ثالثاً يتجاوز لعبة المرايا القاتلة بين الأنا والآخر».




