ويُعتبر مهرجان « سيدني » المحطّة الثانية لفيلم « كذب أبيض » بعد مهرجان « كان ». استطاعت المدير عبر تجربتها القصيرة أنْ تؤكد موهبتها وقدرتها على خلق جديدٍ سينمائي يُعوّل عليه. ذلك إنّ تجربتها قويّة البُنيان، سواء من حيث الموضوعات التي تتناولها أو إطارها البصري الذي يجعلها تُحوّل حكايات شخصية تستند وقائع حقيقة إلى سيرة مُتخيّلة في مركز الصورة. إنّ السينما عند صاحبة « في زاوية أمّي » معطى ذاتي قبل أنْ يكون تأريخاً لأحداث واستشكال لمفاهيم فكريّة. غير أنّ عملية بلورة الأفكار بصرياً، تجعلها تدخل في تواشجات بصرية مع قضايا فكرية وتاريخيّة. وعبّرت المُخرجة عن سعادتها الكبيرة أثناء حصولها على الجائزة التي تعتبرها فخراً وتشجيعاً لها ولأفلامها، سيما وأنّ الفيلم الذي حصلت به على جوائز هامّة تطلّب منها 10 سنوات من الاشتغال.
هذا ويحكي فيلم «كذب أبيض» قصّة شابّة « تعود إلى منزل والديها في الدار البيضاء لمساعدتهما على الانتقال إلى منزل آخر. في منزل عائلتها، بدأت في فرز كل أغراض طفولتها. في لحظة معينة ترى صورة: أطفال يبتسمون في ساحة روضة الأطفال. على حافة الإطار، هناك فتاة صغيرة تجلس على مقعد وتنظر إلى الكاميرا بخجل. إنها الصورة الوحيدة لطفولتها، الذكرى الوحيدة التي يمكن أن تعطيها والدتها لها. لكن أسماء مقتنعة بأنها ليست الطفلة الموجودة في هذه الصورة. على أمل أن تجعل والديها يتحدثان، تستخدم أسماء كاميرتها وتتلاعب بهذه الحادثة الحميمية للحديث عن ذكريات أخرى تشك فيها أيضا. تصبح هذه الصورة نقطة الانطلاق في تحقيق تسأل خلاله المخرجة عن كل الأكاذيب الصغيرة التي ترويها عائلتها. شيئا فشيئا، تستكشف أسماء ذكريات حيها وبلدها ».