يأتي هذا الكتاب الصادر باللغة الفرنسية ليُغطّي فراغاً كبيراً يعاني منه المجال السينمائي. إذْ لا نتوفّر على مؤلفات ترصد تاريخ وتطوّر الفن السابع بالمغرب. ذلك إنّ مؤلفات من هذا القبيل تساهم بشكل كبير في توثيق التجربة الفنية بالمغرب وحصر أجيالها وفهم منطلقاتها الفنية وخصوصياتها الجمالية. فإذا عدنا إلى الممارسات البحثية يُمكننا العثور على مختلف أشكال الكتابة حول السينما، لكنّنا لا نعثر على مقاربات تاريخية حول هذا الفنّ. وذلك لأنّ المدارس والمعاهد والجامعات لم تعمل بعد على فتح أوراش بحثية في هذا الصدد. وعلى مدار سنوات لعبت أبحاث مولاي إدريس الجعايدي دوراً كبيراً في التعريف بالسينما المغربية والحرص على توثيقها ومراكمة خطاب نقدي حول أفلامها وجمالياتها. غير أنّ الجعايدي حين يكتب فهو ينطلق أساساً من أرشيف بصري كبير متوفّر خارج المغرب ويعمل على مشاهدته وتحليله ومحاولة بناء خطاب تاريخي حوله.
يسعى الجعيدي عبر مؤلفه الجديد محاولة وضع لبنة أولى لتاريخ السينما في المغرب. على أساس أنّ هذا الشكل التعبيري البصري بدا في السنوات الأخيرة أكثر الفنون قُدرة على التأثير، ناهيك عن كونه من الأشكال التعبيرية التي عرفت تحولات جمالية كبيرة. ويعتبر هذا الكتاب من أولى المحاولات البحثية الجادّة التي تعمل على التأريخ للسينما المغربية ومحاولة وضع تصوّر كرونولوجي يضبط سيرة الأفلام وتواريخ إنتاجها وطاقم الفني ومحاول التفكير في هذه الأفلام على أساس أنّها وثائق بصريّة قادرة على التأريخ للمراحل التي مرّ منها المغرب بعد حصوله على الاستقلال.