تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يكشف قيمة المنهج السوسيولوجي الذي يتّخذه أفقاً للتحليل والدراسة. ذلك إنّ اختيار المنهج يتيح للباحث إمكانية القبض عن موضوعه والإمساك بتلابيبه من أجل تقديم سردية فكرية ترصد مدى تأثير الحدود الاستعمارية على المجتمع المحلي داخل كلّ من الناظور ومليلية. خاصّة وأنّنا لا نعثر على مؤلفات سوسيولوجية كثيرة تعالج مسألة الحدود وتعمل على توضيح الأثر الذي تركه الاستعمار على بعض المناطق. على هذا الأساس، يرصد الكتاب مفهوم الأزمنة التي قد يترتّب عنها مجموعة من المشاكل السياسية التي تؤثر على النسيج الاجتماعي. ورغم البعد السوسيولوجي الذي ينطبع به الكتاب، فإنّه يتقاطع بشكل كبير مع عنصر التاريخ، لا باعتباره علماً مستقلاً وإنّما من حيث وضع الموضوع في سياقه التاريخي، من أجل الكشف عن المسار الذي قطعته هذه الحدود.
يضيء الكتاب على كيفية تشكّل الحدود في شمال شرق المغرب في سياق الاستعمار الإسباني، وتأثيرها على النسيج الاجتماعي والاقتصادي لسكان المنطقة من خلال تحليل ديناميات الهوية والانتماء، وكيف أسهمت هذه الحدود في تشكيل هويات متداخلة ومعقدة. كما يقدم المؤلف رؤى عميقة حول التحديات التي تواجه المناطق الحدودية في ظل الإرث الاستعماري وكذلك السياسات المعاصرة.
