وبحسب الباحث، فإنّ « وادي العبيد يجري على طول 350 كلم من منبعه الأصلي حتى يلتقي بنهر أم الربيع بزاوية ترمسات قرب أولاد زيدوح واسمه الأصلي هو « أسيف نايت سخمان » نسبة لقبيلة أيت إسخمان بأزيلال والقريبة من منابعه. و« إيسخمان » كلمة أمازيغية يقابلها بالعربية « العبيد » ». وتأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يُسلطّ الضوء على تاريخ وادٍ لعب دوراً طليعياً بالنسبة لسكان المنطقة. سيما وأنّ البحث التاريخي لا يولي اهتماماً كبيراً لهذا النوع من الموضوعات التي تبق ذات قيمة بالنسبة للمؤرّخ، لأنّها تُتيح له إمكانية التعرّف على تحوّلات واد العبيد ومدى تأثيره من ناحية المحاصيل الزراعية ونسبة الماء الموجودة في الواد.
وإلى حدّ الآن لا توجد كثيراً مثل هذه المؤلّفات البحثية التي تُعنى بالتاريخ الطبيعي للمغرب وترصد مختلف المراحل التي مرّ منها الواد داخل الفضاء. إنّ الكتابة عن هذه الفضاءات الصامتة والمنسيّة تُساهم بشكل كبير في بناء صورة بانورامية عن تاريخ هذه المنطقة وتساهم بوعي كبير في كتابة تاريخ جهوي يؤثر بطريقة تلقائية في التاريخ الوطني ككلّ.
وحسب تقديم الباحث فقد جاء في « رسالة موقعة باسم مولاي إبراهيم وجهها على إثر انهزام الوطاسيين إلى الكونت ديدندو، محرّرة بفاس بتاريخ 9 غشت 1536 م أي بعد ستة عشر يوماً من المعركة: « إنّ ملك فاس الوطاسي انتقل للقاء الشريف بوادي العبيد وكان لا يفصل بين الجيشين سوى النهر وأجريت مفاوضات نشيطة بواسطة بعض أهل الصلاح الذين كانوا يعطون وعوداً مبالغة فيها ولكنْ دون نتيجة وأخيراً في يوم 24 يوليوز 1536 م اجتاز جيش فاس النهر، الملك ومولاي إبراهيم والقواد وساروا إلى أنْ اقتربوا من محلة الشريف فنشبت المعركة ».
يضيف « غير أنّ الجنود الذين كانوا في الطليعة تشتتوا أمام أول اصطدام وخلقوا الفوضى في باقي الجيش بحيث سرعان ما وجد الملك ومولاي إبراهيم نفسيهما وحيدين مع حوالي ثلاثين فارساً ولدي اجتيازهما للنهر بنوع من الصعوبة لاحظا بأن مكان محلتهما أصبح خالياً من جميع الأتباع ولم يكُن أمامهم من الوقت سوى ما يكفي للنجاة بأنفسهم ونسائهم تاركين المحلّة على ماهي عليه لرجال الشريف ».