طلحة جبريل يستحضر جرأة حياة محمد شكري

محمد شكري وطلحة جبريل

في 02/01/2024 على الساعة 12:30, تحديث بتاريخ 02/01/2024 على الساعة 12:30

صَدُر للصحافي السوداني طلحة جبريل كتاب جديد بعنوان: «محمد شكري.. جرأة الحياة»، وهو كتاب ينتمي إلى السيرة الذاتية كما يُصنّفه صاحبه ويتوخّى من خلاله تقديمٍ معلومات والكشف عن تفاصيل صداقة امتدّت ربع قرن.

وفي حديثه لـLe360، يقول طلحة جبريل إنّ كتابه «هو عبارة عن سيرة ذاتية لمحمد شكري منذ طفولته وبالتالي هي تشكل السيرة الذاتية الحقيقية، لأنه كُتبت عدّة مرات يُقال أنها سيرة ذاتية أما على شكل دراسات أو حوارات. فقد سجلت معه على مدى سنوات تقريباً 37 شريط مُسجّل وفيها كلّ التفاصيل المتعلّقة بحياته. وكان دوري أنْ أعيد صياغة ذلك وأرتبها ترتيباً زمنياً وأجعلها سيرة ذاتية من الطفولة إلى لحظة مرضه وموته. والكتاب أيضاً يتضمّن ملحق صور يُبيّن علاقتي بمحمد شكري منذ بداية الثمانينيات إلى لحظة وفاته. إضافة إلى رسائل بخط يده وهذه الرسائل هي برهاني ودليلي على مدى العلاقة الوطيدة التي كانت تربطني بمحمّد شكري. وبالتالي، هي سيرة ذاتية رواها صاحبها وكان دوري أضع كل شيء في سياق زمني وفي نفس الوقت إعادة صياغة أي كلام مرتجل واخترت له العنوان محمد شكري.. جرأة الحياة».

ما كُتب عن محمّد شكري كثير لدرجة يصعب على المرء الإحاطة بكلّ تلك المؤلّفات النظرية التي عملت على تشريح المتن الروائي عند محمّد شكري. فمنذ صدور كتابه « الخبز الحافي » في طبعته الإنجليزية مع بول بولز وترجمته الفرنسية مع الطاهر بن جلون، أصبح محمد شكري كاتباً عالمياً. لا لأنّه كسّر عصا الطاعة كما يقال من حيث ثورته عل النُظم الاجتماعية الأبوية أو كتابته بالجسد كما قال عنه ذلك الشاعر والمفكّر أدونيس. بل لقدرة صاحب « زمن الأخطاء » على الغوص عميقاً في الطبقات الرسوبية للمجتمع المغربي والكشف عن مآزقه وتناقضاته، رغم أنّ كتابه الأوّل أثار العديد من المشاكل النفسية بالنسبة لكاتبه وجعل عملية تلقيه كبيرة لدرجةٍ أصبح فيها الناس يتعاملون مع شكري كـ«ظاهرة» لا أكثر.

هذا الأمر، كان يُغضب محمّد شكري ويجعله يدخل في سجالات كبيرة مع المثقفين. والحقّ أنّ الكتاب الاوّل يقلّ أهمية من حيث الشكل بالمقارنة مع أعمال روائية أخرى كتبها شكري مثل « زمن الأخطاء » و« وجوه ». لكنّ الدرس النقدي وقف كثيراً عند «الخبز الحافي» دون أعماله الأدبيّة الأخرى، وحوّل الكتاب إلى حاجز غير مرئي بالنسبة لعدد من الباحثين الذي يُلخّصون محمّد شكري في «الخبز الحافي».

بعيداً عن هذا الجدل غير المُنتج للأفكار، يتنزّل محمّد شكري منزلة رفيعة ومرموقة داخل الأدب المغربي إلى جانب محمّد زفزاف وإدريس الخوري. بل إنّ تأثير رواياته على متخيّل الأدب المغربي، ما يزال كبيراً إلى حدود اليوم. تجربة غنيّة راكمها محمّد شكري وكانت عبارة عن امتداد حقيقي للحياة في واقعيتها وفوضاها، إذْ دائماً ما تبرز نصوصه وضعية الفرد وهشاشته أمام التحوّلات التي تطرأ على المجتمع تُضمر ذلك بعض نصوص مؤلفه «وجوه». في حين تُشكّل «زمن الأخطاء» أو «الشطّار» وهي الجزء الثاني من السيرة الذاتية، تجريباً مُذهلاً على مُستوى الشكل وحفرٌ عميق في مسالك الذات وارتجاجاتها، وهي تحاول الصعود. كما حاول في مؤلفاته الأخرى مع جان جونيه وتينسي ويليامز وبول بولز والكشف عن أهميته ككاتب وقيمته كأديب صديق لكبار الأدباء العالميين. رغم أنّ المؤلّفات الـ3 حرص فيها شكري على تجاوز كتابة اليوميات والمذكّرات، لأنّ ما فعله كان أكبر من ذلك لدرجةٍ يظُن القارئ أنّه أمام رواية أبطالها شخصيات فكرية عالمية. وعمل شكري في هذه الكتب على تسليط الضوء على حياتهم في طنجة، لدرجةٍ يعثر القارئ على معلومات يصعب العثور عليها عند كبار المؤرّخين.

ما فعله طلحة جبريل في كتابه هذا، أنّه تجاوز النظريات الأدبيّة وكلّ المُسبّقات المعرفية والاجتماعية والثقافية التي شكّلت محمّد شكري وصنعته، كاتباً وقاصاً وروائياً في العالم ككلّ، صوب كتابة ذاتية حميمية، تُبرز صداقتهما وشغفهما بالكتابة والمعرفة وحبّ الأدب، يقول طلحة جبريل عن كتابه الجديد «في هذا الكتاب لم أركن إلى ما تستطيع الذاكرة أنْ تستدعيه من نقاشات وحكايات ولقاءات وحوارات. والأهمّ تفاصيل صداقة امتدّت ربع قرن، وإنّما إلى أوراق مكتوبة بخط يده، وشرائط يتحدّث فيها بصوته».

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 02/01/2024 على الساعة 12:30, تحديث بتاريخ 02/01/2024 على الساعة 12:30