وتأتي قيمة الكتاب في كونه يستند على وثائق تاريخية من أجل بناء سردية تاريخية حول مظاهرة الحياة الصناعية بالمغرب خلال المرحلة الاستعمارية، إذْ تمكننا دراسة هذا المعطى الواقعي من التعرّف على حالة المغرب في ذلك الإبان وملامسة جوهر المشروع الاستعماري الذي يعتبر نفسه شكلاً من أشكال التحديث. لذلك يغوص الكتاب وفق زاوية محددة تتمثل في الاقتصاد من أجل تحديد المعالم الاقتصادية ـ الصناعية داخل مدينة لعبت دورا كبيرا في تاريخ المغرب المعاصر، وذلك بحكم مكانتها الاقتصادية التي جعلت المُستعمر يستهدفها ويحرص على إقامة منشآت صناعية بها يضمن مكانته وديمومته الاستعمارية داخل أحياء المدينة وشوارعها.
تقول الباحثة عن كتابها الجديد بأنه يتحدث عن «التاريخ الاقتصادي لمدينة الدارالبيضاء، هذه المدينة التي تستحق أن تحظى بدراسة تاريخية معمقة لفترة مهمة من تاريخها ألا وهي فترة الحماية التي شكلت انبعاثا جديداً لها وتمخضت عنها وظيفة اقتصادية جديدة(الوظيفة الصناعية). صناعة بدأت بخطوات وئيدة قبل أن تعرف انطلاقتها الكبرى في سياقات تاريخية محلية ودولية، زمن الحماية الفرنسية، بما لها وما عليها. فهل سعت الحماية الفرنسية بخلقها قطباً صناعياً في الدارالبيضاء، إلى تغيير البنية الاقتصادية للمغرب والتي كانت بالأساس بنية فلاحية؟ هل كان همها فعلاً أن تجعل من المغرب بلداً صناعياً؟ أم أن الطفرة الصناعية التي شهدتها الدارالبيضاء، كانت آنية، فرضتها حاجات الحماية والنيتروبول، ولم تكن لها آفاق مستقبلية؟ ».




