تنطلق أرضية الندوة من مقولة شهيرة للكاتب الأرجنتيني إرنستو ساباتو مفادها أنّ «الرواية اليوم هي المرصد الوحيد الذي يمكنّنا من معاينة التجربة الإنسانية في كليتها ». مر الزمن فحصل جديد وهو أن السينما تقدمت لتحتل موقع الراصد الأساسي لمعاينة التجربة الإنسانية».
لهذا اعتبر بيت الرواية، أنّه «قد يحصل بعض التنافس بين الخطاب السينمائي والخطاب الروائي، لكن التعارض بين الخطابين على مستوى الموقع يوازيه تشابه على مستوى الأسلوب، فحسب أندري بازان، يحصل ما يلي: « تمتصّ السينما تقنيات الرواية».
من هذا المنطلق «لا يخلو الحديث عن علاقة السّينما والرواية من قضايا وإشكالات، تهمّ على الخصوص الحلم بنقل النص الروائي إلى الشاشة الكبيرة، باستحضار القواعد الخاصّة التي تمّيز كلّ فن، والاستفادة أيضا من المشترك بينهما، فالسينما عبر تاريخها تدين كثيرا للأدب عامّة، وللرواية تحديداً، وهناك الكثير من النماذج العالمية: على سبيل الذكر: رواية « نادي القتال » لتشاك بولانيك ورواية « دكتور زيفاجو » لبوريس باسترناك ورواية «العراب» لماريو بوزو » ورواية « حياة باي » ليان مارتل…وعربيا، فالأسماء الأهم هي نجيب محفوظ الذي تحولت أغلب رواياته إلى الشاشة الكبيرة، إلى جانب مساهمته في كتابة نصوص للسينما ».
هذا إلى جانب « يوسف السباعي الذي قدم للسينما أكثر من 20 عملا بين القصة والرواية، ومن أعماله نذكر « نادية » و »الليلة الأخيرة » ويمكننا أن نضيف علاء الأسواني الذي تحولت روايته « عمارة يعقوبيان » إلى عمل سينمائي ضخم يحمل العنوان ذاته.
أما بالنسبة للتجربة المغربية، فيُقرّ أعضاء بيت الرواية بأنّ « حصيلة انفتاح السينما على الرواية، ما تزال محدودة قياسا إلى التراكم الذي حقّقته السينما في المغرب منذ 1958 إلى الآن. ومن بين الأعمال التي يمكن ذكرها: فيلم « جارات أبي موسى » لمحمد عبد الرحمن التازي، عن رواية أحمد التوفيق، وفيلم « الغرفة السوداء » لحسن بنجلون (2003)، عن سيرة جواد مديدش وفيلم « صلاة الغائب » لحميد بناني (1991) عن رواية للطاهر بنجلون، وسرير الأسرار (2013)، للجيلالي فرحاتي عن رواية « سرير الاسرار للبشير الدامون و »يا خيل الله » عن رواية « نجوم سيدي مومن » لماحي بينبين. وأحدث مثال هو فيلم « جبل موسى » (2022) لإدريس المريني عن رواية « جبل موسى » 2016 للكاتب والسيناريست عبد الرحيم بهير.
لذلك كثيرا ما يتم تداول نُدرة الاقتباسات كمدخل للخصام بين المخرج والروائي في المغرب. وهو ما يستدعي البحث في سياق هذا التباعد وأسبابه ».
جدير بالذكر أنّ هدف الملتقى، هو نقل هذا « النقاش إلى دائرة المهتمين والمتخصصين، للوقوف، أوّلا، على المنجز الروائي المغربي الذي يعرف تراكما ملحوظا، وفتح النقاش أمام موانع انفتاح السينما المغربية على نصوصه. كما يستضيف، في دورته الأولى، الرواية والسينما البلغاريتين، في إطار الشراكة مع جامعة بلغاريا الحديثة وبحضور نخبة من المبدعين والأساتذة والطلبة البلغاريين ».