تأتي أهمية الكتاب في كونه يرصد أولاً الحقبة القديمة. ذلك إنّ الفترة من التاريخ البشري نادراً ما يتصدّى لها المؤرّخين بالدرس والتحليل. وذلك بسبب عدم وجود وثائق تسعفهم على كتابة تاريخ بعض المناطق خلال هذه الفترة. وحتّى إنْ وُجدت بعض آثارها، فإنّ الباحث يجد صعوبة كبيرة في تحليلها لجهله للغات القديمة مثل الرومانية واليونانية. وهذا الأمر، يضع الباحث في مأزق حقيقي تجاه التاريخ وكيفية فهمه واستيعابه. وتعتبر الحضارة الفينيقية من الحضارات القليلة التي حظيت باهتمامات الباحثين، ذلك إنها يشوبها جهل كبير، جعل المؤرخة الأمريكية في هذا الكتاب تستبعد فكرة وجود الفينيقيون.
يقول المترجم «قبل وقت طويل من اليونانيين والرومان، أبحر الفينيقيون عبر البحر الأبيض المتوسط طولا وعرضا، للتجارة وتأسيس المستوطنات، وأدخلوا تحسينات على فن الملاحة، وارتبطت بهم مشغولات ثقافية قيمة. لكن لا تزال هوية هؤلاء البحارة الأسطوريين لغزا».
يواصل حديثه قائلاً: «يغوص الكتاب الحالي في الأدب القديم والنقوش والعملات والأدلة الفنية القديمة بحثاً عن الهويات التي تبناها الفينيقيون، من المشرق إلى الأطلسي، ومن العصر البرونزي إلى العصر القديم المتأخر وما بعده، ليخلص إلى أن الفينيقيين لا وجود لهم كأمه أو جماعة إثنية، وأن تصويرهم كشعب متماسك له هوية وتاريخ وثقافة مشتركة حدث في سياق الأيديولوجيات القومية الحديثة، ويتعارض مع المصادر القديمة».