أشرف الحساني يكتب: باسو في «سي الكالة».. يضع نجوم التفاهة في ورطة

أشرف الحساني

في 29/03/2024 على الساعة 17:30, تحديث بتاريخ 29/03/2024 على الساعة 17:30

مقال رأيحقّق الممثل الكوميدي «باسو» منذ بداية شهر رمضان الحالي، عبر سلسلته الجديدة «سي الكالة» نجاحاً كبيراً، لدرجةٍ جعل فيها نجوم الصالونات والسيتكومات الساذجة والمسلسلات المتصدّعة في ورطة. ما جعله يحتل الطوندونس ويثير نقاشات كبيرة داخل المجتمع حول قضايا «الزبونية والمحسوبية». وهي موضوعات اعتبرها المُشاهد ذات قيمة كبيرة وتُعرّي الواقع السياسيّ الذي يرزح تحته البلد.

في « سي الكالة » ينتصر باسو لفتنة الشكل وجماليات المحتوى عن طريق تقديم جرعات كوميدية ساخرة من الواقع السياسي في علاقته بالمجتمع. وتُعتبر هذه السلسلة بدون منازع أنجح الأعمال الفنية المعروضة خلال شهر رمضان الحالي. ذلك إنها تركت أثراً طيباً لدى المُشاهد، بحكم ما وجده فيها من نقدٍ لاذع للأوضاع السياسية المترهّلة. فقد ارتكزت كل الحلقات على نقد الواقع السياسي من خلال شخصية « سي الكالة » التي تلعب دور الوسيط بين المؤسسات والناس الذين يبحثون عن عمل أو مشروع أو شهادة أكاديمية. وبدا منذ الحلقة الأولى، أن السيتكوم يطرق في الحلقة الواحدة عدة موضوعات مثل تفويت الفضاءات العمومية والمقاهي والجامعات والوظيفة وغيرها. وهي في مُجملها عبارة عن قضايا تشتغل المواطنين وتدفهم يومياً إلى التفكير، بحكم ما يجدون فيها من حساسيات ترتبط بالتراتبية والزبونية. وبالتالي، فإنّ إيجاد فنان كوميدي ساخر يتحدّث بلسانهم وتفكيرهم أمراً ممتعاً بالنسبة لهم. بل إنّ عدد من المشاهدين المغاربة كشفوا عن رغبتهم في كتابة مثل هذه الأعمال الكوميدية التي تكشف عن المآزق السياسية المتصدّعة التي يتخبّط فيها البلد.

الأكثر من هذا، وضع « باسو » نجوم رمضان في ورطة وجعلهم يبدون مثل « البهلوانات » غير المُضحكة التي من كثرة سذاجتها تُضحك المُشاهد. وجد الفنانون والمخرجون أنفسهم في وضع حرج وهم يرقبون آلاف التدوينات والأخبار والصور لسلسلة « سي الكالة ». بل إنّ السلسلة بدت في الحلقات الـ 3 الأولى تسخر من الإنتاجات الرمضانية الهزيلة المُنتجة من القناة الأولى والثانية. ورغم حسن نيّة جهة الإنتاج وحرصها الشديد في وضع خطّة قويّة تضمن تحسين تقنيات التصوير والكتابة، فإنّها لم تنجح مع الأسف في خلق دراما تلفزيونية مغايرة أو سيتكومات كوميدية هادفة تنظر إلى الواقع بعين ساخرة. بل إنّ الكثير من الأعمال التلفزيونية تدور في صالونات ضيّقة وهشّة على مستوى الأداء والإكسسوار، فكلّ شيء فيها لا يمُتّ لطبيعة المجتمع المغربي في صلة.

استطاع « باسو » من خلال الكوميديا السياسية، أنْ يصنع له أفقاً كوميدياً رحباً عبر توسيعه لدائرة الاشتغال وحرصه على تقديم فرجة كوميدية مغايرة. إنّ أهمية أعمال « باسو » ليس فقط في الموضوعات التي يطرقها أو الطريقة التي بها يُعاين ويُشرّح الواقع السياسي، بقدر ما يحرص في كلّ عملٍ فني له أنْ يجترح شكلاً جديداً به يُعيد ويؤسس لمشروع كوميدي حديث يرقب تحولات المشَهد السياسي بعين ساخرة.

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 29/03/2024 على الساعة 17:30, تحديث بتاريخ 29/03/2024 على الساعة 17:30