تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه من الكتب القليلة التي تُعنى بتأمّل الخطاب السائد وتسعى جاهدة إلى جعله مادة للتفكير والنقد. بهذه الطريقة يعمل بنيس على التفكير في الخطابات العمومية التي تكون أحياناً بمثابة يقينيات قاهرة تمارس سلطة على القارئ وتحد من إمكانية فهم بعض الممارسات. لذلك يقترح الكتاب إمكانية التفكير في بعض من هذه اليقينيات ومنها « تمغربيت » التي يعتبرها بنيس كلّ الممارسات التي لها صلة بحياة المغاربة. لكنّ الباحث هنا يقدّم سرديّة أكاديمية أصيلة لا تُقدّم الأهواء، بقدر ما تحرص على إنتاج خطاب معرفي عالم بسياقات « المفهوم » وأكثر وعياً بتأثيره وقيمته داخل الخطاب السياسي اليوم. لذلك فإنّ مثل هذه المؤلفات تعمل جاهدة على تمتين عملية الفهم، لأنها تكون في الغالب مبنية ومؤسسة على معرفة وعلم وليس على الخرافة والهباء.
يقول بنيس في كتاب هذا « تمغربيت تعبّر وتتقاطع وترافق وتلتصق وتلازم وترتبط بطريقة عمودية وأفقية بجميع مناحي حياة المغاربة، سواء داخل التراب الوطني أو خارجه. لا سيما بتصوراتهم وتموقعاتهم وتمثلاتهم ومواقفهم وأفكارهم حول بوادر الشخصية المغربية ومقولة الأمّة المغربية والتنوّع والتعدد والقوى الناعمة والبيئة الثقافية وثنائية الرسمي والترابي ومتاهات النقاش العمومي والدينامية المجتمعية واحتجاج الشارع ومعضلة البطالة والعنف المجتمعي والفوارق الترابية والجهوية المتقدمة والتمظهرات الهوياتية والطقوس الغذائية ولغات المدرسة وبرامج الأطفال وجائمة كورونا والحجر الصحي والفاعلية الافتراضية والأخبار الزائفة والثورة الرقمية والرباط الافتراضي والقيم الديجيتالية والنخب السائلة والسوق الخطابية ومقولة نيوتمغربيت والاحتباس القيمي والانهزامية الهوياتية وسؤال النسق المجتمعي.. ».
