ينتمي صاحب « فاكهة الليل » إلى الجيل الثالث من المشهد الشعري المغربي المعاصر. هذا الجيل الذي تميّزت تجاربه بإبدالات هامّة على مستوى الكتابة، حيث للبعد المعرفي بهجته في على مستوى كتابة « القصيدة » مقارنة بالنصوص الأولى لجيل السبعينيات. وتميّزت نصوص بوسريف منذ عمله الشعري الأوّل « فاكهة الليل » الذي نشره بتشجيع من عبد الله راجع بمكانة خاصّة داخل جيله. منذ ذلك التاريخ تعدّدت كتابات بوسريف الشعرية، عاملاً على اختراق ممكنات النصّ الشعري وتوسيع أفقه من الناحية النظرية فبدأت تطالعنا مؤلفات تعنى بالشعر المغربي وتقديم قراءات ودراسات واتخذت في بداياتها طابعاً من النقد العاشق، حيث الكتابة النقدية تحاول التماهي مع الجسد وتخلق من خلال ذلك لغتها الخاصّة البعيدة عن مفاهيم المعيارية العامّة. لكنْ مع صدور أطروحة « حداثة الكتابة في الشعر العربي المعاصر » يُسجّل القارئ تحولاً كبيراً من ناحية المنطلقات المعرفية، حيث الكتابة النقدية تختفي وتحلّ مكانها كتابة تمتح مفاهيمها ونظرياتها من العلوم الإنسانية ونظيرتها الاجتماعية.
يقول صاحب « شرفة يتيمة » عن كتابه الجديد « لماذا نميل إلى النسق نذهب إليه ونرغب فيه، وهل النسق في التصوّر هو شرط هذا التصور وضرورته، أو هو ما يحتمي به التصور نفسه، كما تتأسس به النظرية التي هي في نهاية الأمر نقدٌ؟ الشعر في طبيعته وما قام عليه من أسس هو إبداع، ما يعني أنه شيء يحدث في الطريق أو إبان الكتابة ذاتها، وليس ما يكون متعاليا على الكتابة أو سابقاً عليها يتبعها وليست هي ما تنبثق عنه، ما يعني أنّ الإبداع هو خارج النسق، بل هو تحرر من الأنساق وإذا كان الشعر، باعتباره إبداعاً يحدث دون الالتفات إلى الأنساق، فهذا لا يعني أنّ الشعر وما ينبثق عنه من نظريات هو فوضى ».
يضيف الشاعر « الذين يحتمون بالأنساق، يظنون أنّ النسق هو النظام، وهو ما يقي من الفوضى والاضطراب، دون أن يدركوا أن كل تصوّر نظري يخلق أنساقه من داخله، وهي أنساق غير مستقرة، لأن الأرض التي تتحرّك فيها أو تمشي عليها، هي أرضٌ متموجة وتدور رمالها متحركة ».