تساءلت مجموعة من الباحثين والنقاد عن السحر الذي مازالت تُمارسه السينما على وجدان المُبدع المغربي، والذي تجعله يدخل في علاقات حميمة مع التراث الغنائي الهندي على سبيل البحث عن جماليّات أغنية جديدة، تمزج بين أصالة التأليف المغربي ورحابة التجريب الموسيقي الهندي. وقد اعتبر الكثير من رواد التواصل الاجتماعي بأنه ليس المرة الأولى التي يقوم فيها مغني مغربي بالاشتغال غنائياً على التراث الهندي، فقد سبقته تجارب أخرى لكل من فرقة الفناير في « ديلبار » وعبد الفتاح الجريني في أغنيتي « جبرا فان » و« زاليما » للنجم الهندي شاروخان.
يرى الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم بأنّ سعد المجرد درج على « تقديم أغان فيها ابتكار وجِدَّة، إذ أنه يسبق أبناء جيله من المغنيين الشباب المغاربة بمراحل ويجعلهم يسعون دائما للوصول إليه ومنافسته وفي كثير من الأحيان نراهم يقلدونه... ففي أغنيته الجديدة « قولي متى » التي هي عبارة عن « ديو » مع المغنية الهندية شريا غوشال، هناك مرجعية واضحة فيما نراه باستمرار في السينما الهندية، لا من حيث شكل الأغنية الهندي من ناحية الموسيقى، ولا من حيث تصوير الفيديو كليب الذي نشاهد فيه قصة حب بين أميرة وفتى أحلامها والصعوبات التي يلاقيانها في حبهما ».
وأشار في تصريحه لـ le360 إلى أنّ « الفيديو كليب مشتغل عليه بشكل جيد ويفوق في مستواه التقني والفني أغلب ما نراه من كليبات مغربية، وحتى إنتاجياً يبدو هذا الفيديو في مستوى آخر غير ما نراه مغربياً. ولهذا تبدو شهرة سعد المجرد مبنية على رؤية وتصور فنييين واشتغال على الجانبين الموسيقي والغنائي من جهة وعلى الصورة من جهة أخرى ».
أما الناقد السينمائي أحمد سيجلماسي، فيعتقد أنّ « كثيراً من المغاربة عاشوا تجربة عشق خاصة مع الأفلام الهندية منذ عقود. ومما رسخ ولع فئة عريضة منهم بهذا النوع من الأفلام، التي كانت تعرضها قاعاتنا السينمائية الشعبية بنجاح منقطع النظير إبان عصرها الذهبي على امتداد ثلاثة عقود على الأقل (الستينات والسبعينات والثمانينات بشكل خاص)، الدبلجات إلى العربية الدارجة أو الفصحى التي قام بها الأستاذ إبراهيم السايح (1925- 2011) وغيره لعينات من هذه الأفلام منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي ».
لهذا يرى بأنّ « الجوانب التي كانت تمارس سحرها على جمهور الأفلام الهندية ببلادنا، من مختلف الأعمار، هي الأغاني والموسيقى والرقص أساسا، ثم النجوم والديكورات والمناظر الطبيعية الجميلة والقصص الغرامية أو الميلودرامية أو الإجتماعية أو الميثولوجية وغيرها، التي كانت تحكيها هذه الأفلام بنوع من الإسهاب والتمطيط ».
ويردف قائلا: « من هذا المنطلق لاحظنا انفتاح بعض الفنانين المغاربة، تلحينا وغناء، على بعض النغمات والإيقاعات الموسيقية والغنائية الهندية السريعة والخفيفة والممتعة، واستلهامها في أعمالهم منذ لحظة مجموعة الإخوان ميكري، خصوصا تجربة جليلة ميكري مع الأغنية الهندية وبعض الأغاني المغربية الخفيفة المنسوجة على منوالها، وصولا إلى سعد لمجرد، الذي أنجز مؤخرا أغنية جديدة مع النجمة الهندية شريا غوشال إضافة إلى النجمة الهندية جينيفر وينجت التي اكتسبت شهرة واسعة في الوطن العربي وعالم بوليوود بعد دورها في مسلسل « هوس مايا ».
ويُجمل صاحب « وجوه المغرب السينمائي » أنّه « من بين غايات المطرب الشاب لمجرد من هذا الإنفتاح على الفن الغنائي- الموسيقي الهندي ما يلي:
أولا، « توسيع قاعدة معجبيه ومعجباته، سواء بالوطن العربي، الأكثر استهلاكا للأفلام الهندية وموسيقاها وأغانيها، أو بالهند باعتبارها سوقا واسعة يسعى إلى اكتساحها بواسطة هذه الأغنية الجديدة ».
ثانيا، « تجريب عملية التفاعل بين ثقافتين مختلفتين من خلال المزج بين صوت مغربي وصوت هندي وبين غناء عربي وغناء هندي في عمل فني مشترك قد يحقق نجاحا أكبر من أغانيه السابقة ».
ويختم تصريحه قائلاً: « على أية حال لازالت السينما الهندية البوليوودية السائدة، التي تعتبر الأغاني والرقصات والموسيقى من توابلها الأساسية، تمارس سحرها ليس فقط على فئات مغربية واسعة وإنما حتى على بعض مبدعي الأغنية الشبابية والعصرية وغيرها. فرغم التراجع المهول، إن لم نقل اندثار، القاعات السينمائية التي كانت إلى عهد قريب شبه متخصصة في عرض الأفلام الهندية بالمغرب، فإن عشاق هذا الجنس من الأفلام وجدوا ضالتهم، منذ اكتساح التكنولوجيات الرقمية لفضاءات الفرجة والتواصل، في الفضائيات المتخصصة ومنصات الأفلام والفيديوهات الموسيقية والأغاني ومختلف القنوات الخاصة وغيرها من المنابر السمعية أو البصرية ».