وتأتي قيمة هذا المصنّف المعرفي في كونه يضع القارئ أمام نمطٍ مختلف من المعرفة، إذْ يُقدّم له في إطار الممارسات الاجتماعية مفهوم الحمّام ووظيفته والمكانة الاعتبارية التي يمثّلها هذا الفضاء الذي طالما نسحت حول العديد من الحضارات مجموعة من القصص والحكايات. ذلك إنّ التنقيب في الحمّام ليس سهلاً كما يُعتقد منذ الوهلة الأولى، وإنّما يفرض على البحث أنْ يكون ملمّاً بمناهج ومعارف ومفاهيم تجعله يتماهى مع هذا الفاء ويستشكل معماره وثقافته والممارسات الاجتماعية التي رافقته منذ ظهوره. إن دراسة موضوع الحمّام هي في أساسها دراسة للنظم الاجتماعية والميكانيزمات التي تأسست عليها فكرة الحمّام قديماً وحديثاً. إنّها ترصد تطوّر هذا الفضاء والانتقال الذي عرفه من مرحلة إلى أخرى. كما يوفّر الكتاب أرضية خصبة للباحثين لتقديم أبحاث في هذا المضمار.
ويقول الباحث عن كتابه الجديد «ينشد هذا الكتاب الإسهام في التراكم المحدود جداً بشأن الدراسات عن الحمّام بالمغرب. فحسب اطلاعنا لم تُنجز إلى حد الآن دراسة مستقلّة سوسويولوجية أو إثنوغرافية أو ما يندرج ضمن هذا المنحى. أما في حقل التاريخ، فلا تتعدّى الحصيلة على امتداد عقود سوى بضعة كتب وبعض المقالات أو المواد ذات الطابع الموسوعي، نُشرت متباعدة زمنياً علماً بأن قسماً منها، لا يتعلّق حصرياً بالحمام في المغرب وإن حررت من قبل باحثين مغاربة. ولم يحظ موضوع الحمام سوى بندو وحيدة، هي ندوة « الحمام: فضاء ومعمار وثقافة » نظمت قبل أكثر من عشرين سنة أما ندوة « التقاليد والعادات في المجتمع المغربي » الملتئمة سنة 2007 فقد خلت من مداخلات عن الحمام، ما ورد بشأن هذا المرفق عرضياً في البعض منها أو ضمن مناقشات ».




