ينتمي داوود أولاد السيد إلى فئةٍ قليلة من المخرجين السينمائيين الذين تشعر وأنت تُشاهد أفلامهم من التعدد الفني في ذواتهم. إذْ غالباً ما ينقلونك إلى عوالم مختلفة من الواقع ويسافرون بك في سماء الابداع والابتكار. وعلى مدار سنوات قدّم أولاد السيّد متناً سينمائياً مُذهلاً، سواء من ناحية الموضوع السينمائي الذي يشتغل عليه أو من الجوانب التقنية المُرتبطة بالكادر والألوان وحبكة السيناريو. كلّها عناصر فنّية تعطي لسينما أولاد السيد مكانة خاصّة داخل السينما المغربية وتزيد من وهجها وقيمتها بالنسبة للحداثة السينمائية المغربية. وإذا تأملنا مسار داوود أولاد السيّد سنجد أنّ مفهوم الهامش كان أحد تلك المفاهيم المركزيّة التي طالما اشتغل عليها المخرج وجعل منها أفقاً للتفكير في قضايا تطال الواقع. فالهامش هنا يحتل منزلة رفيعة، بل يكاد يكون عبارة عن مختبر بصري حقيقي يُتيح للمخرج إمكانات مذهلة للتأمّل وسرد حكايته والعمل على تجذريها داخل واقعه وسيرته وذاكرته الشخصية.
تأتي قيمة الاختيار في كون أيام قرطاج المسرحية، تُعتبر من اللحظات الهامّة داخل السينما العربية والتي يُعرض داخلها العديد من الأفلام السينمائية على اختلاف بلدانها وتباين أجناسها وألوانها، لكنّها تتقاطع وتتلاقى حول سينما مُلتزمة تهجس بالتغيير والتجريب. وإلى جانب أفلامه السينمائية عمل داوود أولاد السيد على إقامة العديد من المعارض الفوتوغرافية التي تبدو وكأنّها تجد ملامحها داخل الأفلام السينمائية. وذلك لأنّ فوتوغرافيا وأفلام أولاد السيّد تتشابهان من ناحية المنطلقات الفنية التي تجعلها تمشي وفق مسار واحد مع أفلامه السينمائية.